في حضن ضانا، حيث تتعانق الجبال مع السماء، وحيث تنبت الكرامة كما ينبت الزعتر على سفوح الطفيلة، وُلد الشيخ غانم السلايمة، رجلٌ لم يكن يشبه سواه، بل كان مزيجًا من الشجاعة والكرم والحكمة.
حين اشتعلت نيران عام 1948، كان واحدًا من أولئك الذين لم يترددوا في حمل البندقية، وفي قلبه فلسطين تسكن كما يسكن الدم في العروق. خاض معاركها بشرفٍ ونخوة، ممتطيًا صهوة "كحيلان” الأصيل، ليكتب فصلًا من فصول الفداء، وليبرهن أن الرجولة موقف لا يساوم.
لكن غانم السلايمة لم يكن فقط فارس الميدان، بل كان فارس المروءة في كل تفاصيل حياته؛ حكمًا في النزاعات، سندًا للضعيف، كريمًا لا يرد سائلاً، وصوتًا للحق في زمنٍ كثر فيه الباطل.
رحل الشيخ عن عمرٍ ناهز 78 عامًا، غير أن الرحيل لم يطفئ أثره. بقي اسمه يتردد في المجالس، وسيرته تتناقلها الألسن جيلاً بعد جيل. لقد كان ذاكرة وطن، ورمزًا من رموز النخوة الأردنية والفلسطينية معًا، ومعلَمًا من معالم الرجولة الأصيلة.
في زمنٍ تتلاشى فيه الصور الحقيقية للقدوة، تعود سيرة غانم السلايمة لتقول: إن الأوطان تُبنى برجالٍ لا ينسحبون من ميادين الكرامة، برجالٍ يتركون وراءهم تاريخًا يتحدث عنهم حتى بعد أن يواروا الثر