في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات وتتنافس الشعارات، يبرز النائب سليمان الخرابشة كنموذج استثنائي في العمل البرلماني؛ نائب من طراز مختلف، لا يهوى الأضواء ولا يتكئ على الكلام المزخرف، بل يترك بصمته من خلال الفعل، والمتابعة الدقيقة، والحضور المتزن في وجدان الناس قبل المنصات.
ليس خرّافًا في وعوده، ولا متسلقًا على وجع المواطن؛ فهو عقلٌ يعمل لا لسانٌ يثرثر. حين تعثر مشروع بيت السلط التراثي، لم يقف متفرجًا، بل تحرّك بضراوة، مارس الضغط بكل ما أوتي من أدوات الرقابة والمتابعة، فقط لأنه يؤمن أن السلط تستحق، وأن لمدينته تاريخًا يجب أن يُصان ومنجزًا يجب أن يُستكمل.
أما مشروع الصرف الصحي في مغاريب السلط، فقد شكّل بالنسبة له قضية شخصية، لم يتعامل معها كأرقام على الورق، بل كألم حقيقي لأهله وناس من بيئته. تابعها كما لو أن العطل في منزله، ووقف عند تفاصيلها بشغف لا يفعله إلا من كان صادقًا في تمثيل البسطاء والفلاحين، لا طامعًا في مجد انتخابي عابر.
رغم تواضعه الجم، يحمل الدكتور سليمان مشروعًا حقيقيًا ورؤية متقدمة. لم تُنسِه لقمة العيش التي يُناضل من أجلها المواطن الأردني أن يطالب بافتتاح فرع لمعهد الفنون في البلقاء، لأنه يدرك أن النهضة لا تقوم فقط على الخبز، بل على الفكر والفن والجمال. يطمح لشباب مدينته بمستقبل مختلف، يحلم، لكنه ليس حالِمًا واهنًا، بل مؤمنًا قادرًا على تحويل الحلم إلى واقع.
من ملف النافذة الإلكترونية في قصر العدل/السلط، إلى كل استجواب وطلب وبيان، يبرهن أنه نائب "السهل الممتنع"، يعرف متى يتحدث، وكيف يصيغ كلماته، وما يريد من ورائها. لا يهدر الوقت في تجميل الكلام، بل يذهب مباشرة نحو الهدف: نتائج ملموسة يشعر بها الناس.
هكذا يستحق النائب سليمان الخرابشة المرتبة الأولى، لا لأنّه يسعى إليها، بل لأنها تأتيه طوعًا. الأولى في اهتمامه كانت السلط، والأولى في قلبه بقيت السلط، وهي مدينة أنجبت رجالًا على شاكلته؛ لا يتنفسون المجد بل يصنعونه.