مكتبة الحسين بن طلال.. منارة علم وفكر في
جامعة اليرموك
نيروز – محمد محسن عبيدات
في قلب جامعة اليرموك، وعلى مساحة تزيد عن
18 ألف متر مربع، تتربع واحدة من أعرق وأهم المكتبات الجامعية في الأردن، بل وفي المنطقة
العربية، إنها مكتبة الحسين بن طلال، التي تأسست عام 1976 بالتزامن مع انطلاق جامعة
اليرموك، ومنذ ذلك الحين والمكتبة تواصل رسالتها الأكاديمية والمعرفية، متجسدة في دورها
الحيوي بدعم التعليم العالي، وترسيخ ثقافة البحث العلمي، وخدمة المجتمع المحلي والوطني.
في لقاء خاص مع وكالة نيروز الإخبارية، تحدث
الدكتور محمد الشخاترة مدير مكتبة الحسين بن طلال، عن مسيرة المكتبة، رؤيتها، تحولات
خدماتها، ودورها الريادي كمنصة للمعرفة وركيزة أساسية في تطوير منظومة التعليم العالي.
يقول الدكتور الشخاترة: "مكتبة الحسين بن طلال لم تكن يوماً
مجرد مبنى يضم رفوفاً من الكتب، بل هي كيان حيّ نابض، يسير جنباً إلى جنب مع طموحات
جامعة اليرموك. نسعى باستمرار لتقديم بيئة تعليمية وبحثية متكاملة، تحتضن الباحث والطالب
والمفكر، وتوفر له أحدث ما توصلت إليه المعرفة الإنسانية من مصادر ومراجع." وأضاف: "ما يميز مكتبتنا هو تنوع مصادرها التي
تجاوزت اليوم حاجز 600 ألف مصدر معلومات، ما بين كتب ودوريات ووثائق وأقراص مدمجة وقواعد
بيانات رقمية، تغطي مختلف التخصصات والمجالات العلمية، وباللغتين العربية والإنجليزية.
هذه الثروة المعرفية متاحة لطلبة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والباحثين، ضمن بيئة
رقمية متطورة، ومرافق مريحة مجهزة بأحدث التقنيات".
وفي بداية حديثه اشار الدكتور الشخاترة إلى
الدور المحوري والداعم لرئاسة الجامعة، حيث قال: "أتوجه بجزيل الشكر والعرفان إلى الأستاذ
الدكتور إسلام مساد، رئيس جامعة اليرموك، الذي لم يدخر جهداً في دعم مكتبة الحسين بن
طلال، إدراكاً منه لأهمية المكتبة كرافعة للبحث العلمي، وكمركز معرفي يخدم مختلف كليات
الجامعة وتخصصاتها. لقد كان دعمه المستمر، سواء على صعيد التحديث التقني، أو في دعم
الموارد البشرية والبنية التحتية، أحد أبرز العوامل التي أسهمت في تعزيز حضور المكتبة
محلياً وعربياً."وأضاف: "هذا الدعم يعكس رؤية قيادة الجامعة
في النهوض بالعملية التعليمية والبحثية، ووضع الجامعة ومرافقها في مقدمة المؤسسات الأكاديمية
على مستوى الإقليم."
وتابع الشخاترة الحديث واشار إلى أن المكتبة
كانت من أوائل المؤسسات التعليمية التي استثمرت في قواعد البيانات العالمية مثل (EBSCO, ProQuest, ebrary)، وأتاحت استخدامها إلكترونيًا
داخل الحرم الجامعي وخارجه، دعماً لمسيرة البحث العلمي، وخاصة لطلبة الدراسات العليا
وأعضاء الهيئة التدريسية. كما تتيح المكتبة قاعدة "المكتبة العربية
الرقمية" لتوفير النص الكامل للدوريات والرسائل الجامعية العربية، في خطوة تمثل
إضافة نوعية للمحتوى العربي الإلكتروني.
ومن المحطات الفارقة في مسيرة المكتبة، كما
يوضح الدكتور الشخاترة، أنها أصبحت في عام 2004 الحاضنة الرسمية لـ مركز التميز لخدمات
المكتبات الجامعية الأردنية الرسمية، وهو مظلة وطنية تجمع مكتبات الجامعات الحكومية
في الأردن، وتسعى إلى توحيد الجهود وتطوير الأداء وتبادل الخبرات. "هذا المركز هو أحد أبرز إنجازاتنا"،
يقول الشخاترة، "فمن خلاله نسهم في تخفيض التكاليف وتوحيد السياسات ورفع كفاءة
الفهرسة والإعارة والتزويد الإلكتروني، في ظل منظومة تشاركية تهدف إلى تطوير المعرفة
على مستوى وطني".
وحرصًا على توفير بيئة ملائمة للبحث، توفر
المكتبة عدداً من الغرف البحثية لأعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الدراسات العليا، إضافة
إلى مختبرات حاسوب متطورة تسهل عمليات البحث والتصفح. كما تقدم خدمة "الإعارة
المتبادلة" مع مكتبات الجامعات الأردنية الحكومية، وهي خدمة فريدة تتيح استعارة
الكتب من خارج الجامعة بسهولة ويسر.
كما توفر المكتبة أدلة إرشادية، وورشات تدريب،
وإشراف مباشر من طاقم متخصص لمساعدة الطلبة والباحثين على استثمار مصادر المعلومات
المتوفرة، مما يعزز ثقافة البحث العلمي والإنتاج المعرفي.
تتبنى مكتبة الحسين بن طلال منظومة من القيم
المؤسسية التي تؤكد على حرية الفكر والتنوع والعدالة في الوصول للمعلومة، إلى جانب
العمل بروح الفريق، والاحترام المتبادل، والمهنية العالية. ويؤكد مدير المكتبة: "نحن نؤمن بأن المعرفة حق للجميع، وأن
المكتبة يجب أن تكون مساحة حرة للنقاش والتعلم والتفكير المستقل".
لا يمكن الحديث عن مكتبة الحسين بن طلال دون
التوقف عند حجم الإعجاب والتقدير الذي تحظى به على مستوى الجامعة والمجتمع المحلي والمؤسسات
الأكاديمية الأردنية والعربية، حيث تم اعتمادها من قبل اتحاد الجامعات العربية كمركز
إيداع رسمي للدوريات الجامعية العربية، في دلالة واضحة على مكانتها الريادية وثقة المجتمع
الأكاديمي العربي بجهودها.
وفي ختام اللقاء، وجه الدكتور محمد الشخاترة
رسالة للمجتمع الجامعي قائلاً: "نحن نعمل من أجل الطلبة والباحثين،
ونسعد بكل ملاحظة واقتراح، فهدفنا التطوير المستمر، والمضي قدماً نحو مكتبة رقمية تواكب
المستقبل وتستشرف احتياجات الباحثين. مكتبتنا ليست فقط ركنًا معرفيًا، بل قصة نجاح
وطنية تتجدد كل يوم، بدعم إدارة الجامعة، وجهود العاملين، وثقة جمهورنا الكريم."