في ملحمة إنسانية سطّرها التاريخ على مدى أربعة أيام بلياليها، وقف نشامى الدفاع المدني الأردني في الخطوط الأمامية لمواجهة حرائق الغابات المشتعلة في سوريا الشقيقة، في مشهد يجسّد أسمى معاني التضحية والواجب.
بعيون ساهرة أنهكها الدخان، وقلوب نابضة بالإصرار، وأيادٍ لا تعرف التراجع، لبّى رجال الدفاع المدني نداء الإنسانية، عابرين الحدود ومخلّفين وراءهم دفء الأهل وراحة الديار، ليكونوا في المكان والزمان الذي يحتّم عليهم أداء الرسالة.
لم تكن المهمة سهلة، ولم تكن النيران خصمًا هينًا، بل كانت معركة شرسة مع لهيب يهدد أرواح المدنيين ويدمّر غابات خضراء طالما شكّلت رئة الطبيعة. ورغم ذلك، لم يتوقف النشامى عن بذل كل جهد ممكن، متحدّين الإرهاق والخطر، وممسكين بخراطيم المياه كأنها أسلحة معركة، في صراع يومي مع الوقت والنار.
جنود الدفاع المدني الأردني لم يعملوا وحدهم، بل شكّلوا نموذجًا للتكامل والتعاون، جنبًا إلى جنب مع فرق الإطفاء السورية، بروح الفريق الواحد. استندوا إلى خبراتهم ومهاراتهم، ووجّهوا كل طاقاتهم لإخماد الحرائق، في محاولة لإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه، في مشهد أخويّ يعكس عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين.
هذه الأيام الأربعة، لم تكن مجرد مهمّة طارئة، بل كانت امتحانًا حقيقيًا لمعاني الإنسانية، والأخوة العربية، والوفاء للقسم. وهي ليست بغريبة عن أبناء الدفاع المدني الأردني الذين اعتادوا الوقوف في خطوط المواجهة الأولى عند كل استغاثة، داخل الوطن وخارجه.
اليوم، ننحني احترامًا لهؤلاء الأبطال الذين أثبتوا أن التضحية ليست مجرد شعار، بل فعل يومي في قاموس رجال الدفاع المدني. ونرفع الأكف بالدعاء أن يحفظهم الله ويردّهم سالمين، بعد أن سطّروا بجهودهم صفحة مشرفة تُضاف إلى سجلّ الأردن المشرق بالعطاء والرجولة.