يُعد يوم الخامس والعشرين من أيار كل عام، محطة وطنية مهمة تحمل في طياتها أبعادًا تتجاوز الجانب التاريخي والسياسي، لتتجلى فيها معانٍ تربوية عميقة تسهم في تشكيل وعي الأجيال وتنمية إحساسهم بالمسؤولية والانتماء وأهمية البناء والحفاظ على المنجزات. إذ تتزامن في يوم الاستقلال ذكرى انتهاء الانتداب البريطاني والخلاص منه وذكرى بداية تشييد الدولة الأردنية المستقلة بقيادة جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين، ومن هنا نستخلص دروسًا تربوية تستحق الوقوف عندها، لما لها من دور هام في ترسيخ القيم الوطنية في نفوس الطلبة والأجيال .
من أبرز المعاني التربوية لذكرى الاستقلال الانتماء والولاء ،إذ يُعلّم الاستقلال الأجيال معنى حب الوطن والانتماء لترابه، والولاء لقيادته الهاشمية التي قادت المسيرة بإخلاص وحكمة.،كما تعزز هذه الذكرى الخالدة شعور الطلبة بالاعتزاز بالهوية الوطنية ، التي تشكلت من تنوع ثقافي واجتماعي شكل نسيجًا فريدًا من الوحدة والتماسك، وتبرز كذلك قيمة المسؤولية المجتمعية، فالاستقلال لا يُختصر في احتفالات رمزية، بل هو دعوة مفتوحة للعمل الجاد والمساهمة الإيجابية في بناء الوطن وحمياته من المتربصين به ،فكل فرد يتحمل جزءًا من مسؤولية حماية الوطن ومكتسباته.
ومن أعظم المعاني التي تجسدها هذه الذكرى العطرة الحرية والكرامة، إذ يُذكّر الاستقلال الأجيال بأن الحرية لم تُقدم على طبق من ذهب، بل جاءت نتيجة كقاح و تضحيات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ،أمنوا بحق وطنهم في تقرير مصيره ،فضحوا بالغالي والنفيس ،وروت دماؤهم الزكية تراب الوطن؛ لتكون له الحرية.
ولا يمكن إغفال أهمية تعزيز الوحدة الوطنية، حيث يُعلّم الاستقلال أن الإنجازات لا تتحقق إلا بوحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية. فالوطن الذي استطاع أن ينال استقلاله بوحدة قيادته وشعبه، هو نفسه الوطن الذي يحتاج إلى استمرار هذه الوحدة للدفاع عنه ومواجهة التحديات .
كما تُعد ذكرى الاستقلال مناسبة لتحفيز الشباب على المواطنة الفاعلة، من خلال تشجيعهم على الانخراط في العمل التطوعي، والمبادرات المجتمعية، والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والتي هي بوابتهم للمساهمة في صنع القرار.
فذكرى الاستقلال تُعزز قيمة أن يكون الجميع جزءًا من مشروع وطني أكبر، هدفه بناء أردن قوي مزدهر وآمن،وتتحمل مؤسسات التنشئة الإجتماعية كافة (الأسرة ،المؤسسات التعليمية ،الدينية والاعلام ،...) مسؤولية توظيف هذه المعاني وترجمتها إلى سلوك يومي لدى الطلبة، من خلال البرامج الهادفة و المناهج و الأنشطة والفعاليات الوطنية والقدوة الحسنة التي تعزز روح الانتماء والمواطنة الصالحة.
ولنتذكر أن يوم الاستقلال ليس يوما نحتفل به ويمضي،بل درسا تربويا تتجدد فيه القيم، وتترسخ فيه المبادئ، ويتعزز فيه الأمل بمستقبل أفضل، يُسهم في صناعته كل أبناء الأردن بعقولهم النيرة وسواعدهم القوية وقلوبهم المُحبة والتفافهم الصادق حول قيادتهم الهاشمية الفذة.