في الخامس والعشرين من أيار عام ١٩٤٦ ارتفع علم المملكة الأردنية الهاشمية عاليًا معلنًا ميلاد دولةٍ مستقلة، حاملةً معها أحلام شعبٍ وطموح قيادةٍ تؤمن بأن الحرية أساسٌ لبناء حضارة.
بعد تسعة وسبعين عامًا، يقف الأردن شامخًا كواحةٍ للاستقرار في قلب منطقة مضطربة وكتجسيدٍ لإرادة شعبٍ حوَّل التحديات إلى سُلَّمٍ للإنجاز.
بدأت المسيرة مع الملك المؤسس عبد الله الأول الذي رسَّخ دعائم الدولة عبر إنهاء الانتداب البريطاني، ليتحول الأردن من إمارةٍ صغيرة إلى دولةٍ ذات سيادة انضمت إلى الجامعة العربية عام ١٩٤٥ والأمم المتحدة عام ١٩٥٥، مُشاركًا بفاعلية في المحافل الدولية.
واجهت المملكة على مدى عقودٍ تحدياتٍ جسامًا من حروبٍ وأزمات لاجئين وشح الموارد، لكن القيادة الهاشمية بدءًا بالملك الحسين بن طلال وصولًا إلى الملك عبد الله الثاني نجحت في تحويل هذه التحديات إلى فرص. ففي التعليم انخفضت نسبة الأمية إلى أقل من ٣٪ وتقدَّمت المملكة في مؤشرات التعليم التقني، بينما أصبحت في المجال الصحي مركزًا طبيًّا إقليميًّا رائدًا. اقتصاديًا تميز الأردن ببنيةٍ تحتية ذكية كالمدن الصناعية ومشاريع النقل الوطني ووصلت حصة الطاقة المتجددة إلى ٢٥٪ من إجمالي الاحتياج الكهربائي.
لم تكن الإنجازات محصورةً بالداخل فقد حافظ الأردن على موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية والقدس مع تبني خطاب الاعتدال واستقبال موجات اللاجئين كواجبٍ إنساني إلى جانب بناء شبكة علاقات دولية توازن بين الشرق والغرب دون تفريطٍ بالثوابت.
وهنا علينا أن نُشير إلى سراستمرارية النموذج الأردني الذي يكمن في التوازن بين حكمة القيادة وإرادة الشعب، حيث يُشكل الشباب الذين يمثلون ٧٠٪ من السكان محور الرؤى المستقبلية مثل مشروع "الأردن ٢٠٢٥" الهادف إلى التحول إلى مركزٍ إقليمي للتقنية، بينما يعكس تمكين المرأة ووصولها إلى مناصب قيادية تقدم المجتمع.
في الذكرى الـ79 يتجدد الأردن بإصلاحات اقتصادية واستثمارٍ في الإنسان، مؤكدًا مسيرته كدولة مؤسسات تحقق العدالة والتنمية.
ليست هذه السنوات مجرد رقم بل حكاية قيادة و شعبٍ حوَّل التحديات إلى فرص، وصنع من الصمود نموذجًا يُثبت أن الاستقلال الحقيقي هو بناء مستقبلٍ يُحافظ على الكرامة ويُوسع آفاق الأجيال.
حفظ الله الأردن قوياً منيعاً في وجه جميع التحديات تحت ظل الراية الهاشمية.