الاستقلال الأردني لم يكن يومًا انفصالًا عن الأمة العربية، بل جاء تعبيرًا عن ارتباطٍ وثيقٍ بها، وانتماءٍ راسخٍ إلى قضاياها، وعلى رأسها قضية فلسطين.
لقد مثّل استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946 خطوة تأسيسية لتعزيز الهوية الوطنية الأردنية ذات الطابع الإنساني، القومي، التقدمي، والرافضة للصهيونية والاستعمار.
ففي ظل الاستقلال، واجه الأردن تحديات كبيرة، وحقق رغمها أنشطة تنموية وتطويرية في ظروف شاقة. ومع اختلال معادلة الموارد والسكان، وتوالي الأزمات الإقليمية، وقف الأردن صلبًا، محققًا إنجازًا لافتًا في التنمية والاستقرار، حتى أضحى نموذجًا دوليًا يُحتذى.
وبفضل سياسات الحسين الباني، وجهود الملك عبد الله الثاني بن الحسين المتواصلة لأكثر من ربع قرن، عزز الأردن مكانته إقليميًا ودوليًا، محققًا الأمن والاستقرار، ونسج علاقات دولية متينة قائمة على الاحترام والمصالح المشتركة.
لطالما روّج البعض بأن الأردن مجرد "منطقة عازلة" بين العرب والكيان الإسرائيلي، لكن الحقائق التاريخية والجغرافية تنفي هذا الادعاء. فإسرائيل لم تهدأ ثائرتها منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، واعتبرت قيام المملكة في 25 أيار 1946 تهديدًا لمشروعها التوسعي، حيث واجهت الحركة الصهيونية الاستقلال الأردني بشراسة.
ويُذكر أن قادة المشروع الصهيوني، ومنهم زئيف جابوتنسكي، اعتبروا الأردن جزءًا من "أرض إسرائيل الشرقية"، كما جاء في كتاب "رحلة إلى الماضي" للمؤرخ أرنون سوفير. وقد عدّت "حركة المقاومة اليهودية" استقلال الأردن فصلًا عن ما زعمت أنه وطن قومي يهودي.
ورغم كل ما سبق، لم يكن الأردن يومًا حاجزًا بين الجيوش العربية وفلسطين، بل كان الحارس الأمين للحدود، والداعم الثابت للحقوق الفلسطينية. والأردن ليس عزلة، بل قلعة عربية منيعة.
وسيبقى الأردنيون، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وولي عهده سمو الأمير الحسين بن عبد الله، متمسكين باستقلالهم الوطني، وموقعهم الريادي في خدمة قضايا الأمة، من أجل الوحدة والحرية والتقدم.