في مبادرة رائدة تجمع بين الإبداع الهندسي والوعي البيئي، نجح المهندس محمد علي طبنجة في تحويل النفايات الصلبة إلى مجسمات فنية وتحف تزّين المنازل والمطاعم، وترسي ثقافة إعادة التدوير في المجتمع الأردني، من خلال مشروعه السياحي البيئي "قمر بيلا" في قرية جنين الصفا بلواء الكورة، والذي يعد أول مشروع من نوعه على مساحة ٤ دونمات.
بدأت فكرة المشروع من قناعة ذاتية لدى المهندس طبنجة بأهمية استدامة الموارد، والحد من آثار التغير المناخي والاحتباس الحراري. فعمل على استغلال المواد المهملة من بلاستيك وزجاج وخشب وكرتون لتحويلها إلى منتجات نافعة وأعمال فنية، شارك بها في معارض ومهرجانات وطنية، وحاز على جوائز تقديرية مختلفة.
وفي تصريح لـ"نيروز الإخبارية"، أكد طبنجة أن مشروعه لم يكن مجرد فكرة عابرة، بل حلمٌ ترعرع منذ الطفولة، مدفوعاً بشغفه بالابتكار وتحرره من ثقافة العيب. وأضاف: "الإيمان بالفكرة هو بداية النجاح. عملت بيدي ومعي أكثر من 60 شاباً وشابة أصبحوا أدوات إنتاج بعد أن كانوا عاطلين عن العمل، ما يعزز مفهوم الاعتماد على الذات ويحد من البطالة."
وأشار إلى أن مشروع "قمر بيلا" لم يكن فقط تحفة بيئية، بل متنفساً لأهالي المنطقة، وساهم في تنظيف البيئة المحلية من النفايات بشكل ملحوظ، بل وأصبح نموذجاً يحتذى على مستوى المملكة، مع تزايد الإقبال عليه من مختلف المحافظات.
وطالب المهندس طبنجة الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارات البيئة والتربية والتعليم والسياحة، بدعم المبادرات البيئية الريادية، وإدماج التربية البيئية في مناهج المدارس، خاصة في الصفوف الأولى، لتعزيز الوعي البيئي لدى الأجيال القادمة.
وأضاف: "آمنت بأن لكل إنسان طاقة كامنة لا تُكتشف إلا إذا واجه التحديات. لهذا كرّست وقتي وجهدي لتدريب الشباب والفتيات، خصوصاً في القرى والمناطق النائية، رغم شح الموارد والدعم."
وتحدث طبنجة عن مساعيه لتأسيس مركز تدريبي يعزز ثقافة إعادة التدوير في المجتمع، مشدداً على أهمية تحفيز ربات البيوت لاستغلال المواد القابلة لإعادة الاستخدام، مثل الزجاجات والعبوات البلاستيكية، بطريقة آمنة ومبتكرة.
واختتم بالقول: "الحلم لا يتحقق بالكلام، بل بالإيمان والعمل. ومشروعي اليوم هو ثمرة سنوات من العمل الصامت والدؤوب، على أمل أن نصل يوماً إلى مجتمع بلا نفايات، وبيئة نظيفة خالية من التلوث."
يُذكر أن المهندس محمد طبنجة حاصل على درجة الماجستير في هندسة الجيوتكنيك من جامعة بلغراد – يوغسلافيا سابقاً، وهو عضو في عدد من الهيئات الهندسية والبيئية، وناشط في مجال التوعية البيئية وإعادة التدوير.