في زمنٍ تتعاظم فيه التحديات الأمنية، يشكّل الأردن نموذجًا فريدًا في حماية استقراره الداخلي، من خلال ركيزتين متكاملتين: التكافل الأمني المجتمعي، والاستثمار الواعي في خبرات المتقاعدين العسكريين.
فالتكافل الأمني لم يعد مجرّد إجراءٍ وقائي، بل تحوّل إلى سلوكٍ جماعي وثقافة وطنية، ترى أن كلَّ مواطنٍ هو عينٌ ساهرة، وقلبٌ نابضٌ بحبّ الوطن.
هذا التعاون الشعبي، الذي يُجسّد نظرية "الأمن المجتمعي"، جعل من الأردنيين شركاء حقيقيين في حماية أنفسهم ومجتمعهم، من خلال الإبلاغ عن أيّ سلوكٍ مريب، والمساهمة في نشر الوعي والانضباط.
وفي المقابل، أثبت المتقاعدون العسكريون أن خدمة الوطن تأتي بالخبرة والانضباط والاحترافيه المهنيه أيضًا؛ فهم اليوم قوة مهنية رديفة، يديرون المواقع الحيوية، ويحرسون مؤسسات الدولة، ويبعثون برسائل ثقة في الشارع الأردني.
طبعآ ما كان لهذا النموذج أن يترسخ لولا رؤية القيادة الهاشمية الرشيدة، التي آمنت مبكرًا بأنّ الأمن لا يُبنى بالسلاح فقط، بل بثقافة الشراكة، وثقة المواطن، وتقدير من خدم.
لقد حرص جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في كل خطاباته، على التأكيد أن المتقاعدين العسكريين هم الرديف الدائم للقوات المسلحة، وأن أمن الوطن مسؤولية الجميع، وليس حكرًا على جهازٍ دون آخر.
فبدعم مباشر من جلالته، تم تعزيز دور المتقاعدين ، وتوسيع مهامهم، ومنحهم المساحة للتفاعل مع المجتمع، بما يضمن استدامة الأمن وهيبة الدولة.
إن هذه المعادلة الذهبية – المواطن الواعي، والجندي السابق، والمؤسسة الأمنية، والقيادة الحاضنة – هي التي حافظت على أمن الأردن وسط محيطٍ مشحونٍ بالفوضى
في الأردن، الأمن ليس وظيفةً، بل عقيدةٌ مجتمعية مدعومة بقيادةٍ حكيمة.
ومن خدم بالأمس، ما زال يخدم اليوم، بحكمة الهاشميين ووعي الأردنيين.