في ظل استمرار حملات مقاطعة بعض البضائع الأجنبية وبعض المنتجات يطرح كثيرون سؤالًا مهمًا: هل هذه المقاطعة تُحدث فارقًا حقيقيًا في الميزان الاقتصادي والسياسي، أم أنها عبء ثقيل على المواطن العادي في حين يظل كبار القادة والشخصيات المالية بعيدين عن أي تأثير؟
منذ أكثر من عام ونصف، يستمر عدد كبير من الناس في مقاطعة بعض المنتجات وغيرها، دعمًا لمواقف سياسية وتحديدا القضية الفلسطينية . هذه المقاطعة ليست فقط خيارًا استهلاكيًا، بل هي أداة ضغط شعبي تعبّر عن رفض سياسات أو ممارسات يقوم بها الاحتلال
ففي ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، أصبحت حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الدول الداعمة للاحتلال أداة شعبية هامة تعبر عن رفض الظلم وتساند حقوق الفلسطينيين. تُعرف هذه الحملات باسم حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، والتي تسعى إلى ممارسة ضغط اقتصادي وأخلاقي على الاحتلال الإسرائيلي
وفي ذات الوقت، هناك شخصيات أو جهات تصرف مبالغ طائلة بأرقام خيالية. مثلًا، تذكر التقارير كيف أن دونالد ترامب أنفق تريليونات الدولارات خلال فترة وجيزة، متجاوزًا بكثير الخسائر التي قد تتكبدها الشعوب نتيجة المقاطعة. وهذا يطرح تساؤلات حول مدى تأثير الضغوط الشعبية مقارنة بالقوة المالية والسياسية للنخب
فبينما يتحمل المواطن العادي نتائج المقاطعة من حيث تقليل الخيارات وارتفاع الأسعار أحيانًا، تظل الشخصيات القوية تتحكم في السيولة المالية الضخمة، التي تسمح لهم بتجاوز الأزمات الاقتصادية بسهولة. هذا التفاوت يضع علامات استفهام حول عدالة الحملات الاقتصادية الشعبية ومدى تأثيرها على قرارات كبار المسؤولين
ويبقى السؤال هل المقاطعة هي أداة ضغط فعالة تستطيع قلب الموازين، أم أنها في النهاية رسالة رمزية تعبر عن موقف دون أن تغير المعادلات الاقتصادية الكبرى؟ الجواب يعتمد على عدة عوامل، من بينها مدى تنسيق الجهود الشعبية، توفر بدائل حقيقية، ومدى تجاوب الشركات والدول مع هذه الحملات
ففي المقابل كان للرئيس الأمريكي زيارة قبل ايام لعدة دول عربية اعلن خلالها عن اتفاقيات بقيمة تتخطى ٤ تريليون دولار في عدة مجالات وهنا يكمن التساؤل لدينا ونحن مستمرون بالمقاطعة وهي اقل القليل لما يمكن ان نقدمه للشعب الفلسطيني الأعزل في غزة نرى ان ترامب استطاع ان يسد الفجوة ان كانت موجودة أصلا من مقاطعتنا واستطاع الحصول على مبالغ ضخمة تعدت مايمكن ان تخسره الشركات التي تمت مقاطعتها
لنصل بالنهاية إلى رسالة مفادها ان المقاطعة هي رسالة شعبية مهمة تحمل روح المقاومة والرفض، لكنها تحتاج إلى بناء بنية اقتصادية وسياسية متينة تجعلها أكثر من مجرد خسائر يومية على المواطن العادي. القوة الحقيقية تكمن في توحيد الجهود وتحويل هذه المواقف إلى ضغط فعلي على صانعي القرار، وليس فقط تعبيرًا عن موقف رمزي