الهاشمية وجمهورية باكستان الإسلامية تمتد منذ عام 1947، لترسخ مبادئ في غاية الأهمية كالأخوّة والتشاركية، والتي تعكس وتوضح التوافق الكبير في وجهات النظر التي تخص قضايا الأمة الإسلامية والدولية، ولتبني جسورًا من التعاون بين البلدين على عدّة أصعدة، منها السياسية والاقتصادية والعسكرية. وامتازت العلاقات بين البلدين بصفائها وثباتها ومتانتها واتزانها عبر الأعوام التي مضت، الأمر الذي ساعد في خلق بيئة ساهمت في رفع وتطوير وتوسيع مستوى التعاون بينهما لتشمل جوانب أخرى، منها التعليمية والثقافية والإنسانية.
ما نشهده اليوم على الساحة من الصراع والتوتر الباكستاني-الهندي تعود أصوله إلى عدة قرون بين المسلمين والهندوس، والذي انبثق منه "نظرية الأمتين” التي ترنو إلى تقسيم البلاد إلى دولتين على أساس عقائدي ديني، وحصلت باكستان الغربية والشرقية (باكستان الشرقية هي بنغلادش اليوم، وذلك قبل انفصالهما) ككيان واحد على استقلالها عام 1947 من الهند، وتحت إشراف بريطانيا آنذاك. وما زال التوتر مستمرًا منذ 1947 على قضية عقائدية وجودية، وهي "كشمير”، المنطقة الحدودية بين باكستان والهند، التي شهدت صراعًا دمويًا ونزاعاتٍ مسلحةٍ إلى يومنا هذا.
إن الترابط الوثيق في العلاقات الثنائية بين الأردن وباكستان بُني على أسس الصداقة والمصداقية والثقة، مما جعل موقف الأردن، قيادةً وشعبًا، واضحًا وثابتًا تجاه باكستان وشعبها. وقد جسّدها المغفور له بإذن الله الملك حسين بن طلال، طيّب الله ثراه، خلال الحرب الهندية الباكستانية عام 1971، حيث أرسل مقاتلات جوية من طراز (ف-104) مساندًا القوات الباكستانية عسكريًا وسياسيًا. وقد أسقطت القوات الهندية خلال الحرب إحدى المقاتلات الجوية الأردنية، وقدمت باكستان تعويضًا عن الطائرة الأردنية للأردن، إلا أن الأردن رفض قبول أي تعويض في هذا الشأن، مُرسِّخًا بذلك شيم وقيم الأردن، قيادةً وشعبًا. وكذلك أبدت باكستان حسن نواياها من خلال تعاونها مع القوات المسلحة الأردنية خلال حرب 1967، حيث يتبنى كلا البلدين الموقف الصارم والثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في أرضهم وإنشاء دولتهم، وقدسية الأقصى والقدس في قلوب المسلمين، ومؤيدين الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية.
واليوم، ونحن نشهد التوتر بين باكستان والهند، والتمادي البربري الهندي وخرقها للقوانين الدولية، والرد الباكستاني السريع والقوي، والتصعيد المتزامن من كلا الطرفين، نؤكد على أهمية ضبط النفس، وضرورة تدارك خطورة المرحلة التي تتطلب حشد الجهود الدولية للتهدئة بين الطرفين، كي لا تتصاعد حدّة الحوار المسلح بين البلدين إلى مرحلة حرجة تأخذ منحى من شأنه أن يشعل فتيل الحرب والقتال، الذي يحصد أرواح البشر، وينكّل بالبشرية، ويسبب آفات وأزمات إنسانية ودولية. على المجتمع الدولي إدراك الموقف وأخذ خطوات جدية وسريعة في حلّ الأزمة، تجنبًا لتفاقم الحروب وسفك الدماء الذي يشهده العالم اليوم في فلسطين، والصراع الروسي-الأوكراني، وفي السودان، واليمن… إلخ.
آملين أن يعم السلم والسلام في أمتنا العربية والإسلامية، وعلى البشرية على كوكب الأرض.