الطفولة المبكرة هي المرحلة الأهم في حياة الإنسان، فهي اللبنة الأولى التي يُبنى عليها مستقبل الفرد وشخصيته.
في هذه المرحلة تتفتح حواس الطفل، ويبدأ باستكشاف العالم من حوله، فتكون الأسرة هي أول بيئته، وأول مدرسته، وأقرب مؤثر في فكره وسلوكه.
ولهذا فإن للأسرة الدور الأكبر في تشكيل شخصية الطفل، بما ينعكس لاحقاً على المجتمع بأسره.
الطفل كالمرآة، يعكس ما يراه ويسمعه في بيته، فهو يقلد والديه في حديثهم، تصرفاتهم، وأسلوب تعاملهم مع الآخرين.
فإن نشأ في بيت يسوده الصدق، الأمانة، والاحترام، تشبّع بهذه القيم ونقلها معه أينما ذهب ، لذلك على الوالدين أن يعيشوا حياتهم بحذر، ويكونوا قدوة صادقة، فكل حركة منهم قد تُزرع في ذاكرة طفلهم وتتحول إلى سلوك دائم.
هل الطفل يتعلم من الكلمات أكثر أم من الأفعال؟
يتعلم الطفل من الأفعال أكثر بكثير من الكلمات.
فلو قيل له "لا تكذب"، ثم سمع أحد والديه يكذب، سيتعلم الكذب.
أما إن رأى والديه صادقين دائماً، فسيتخذ الصدق خلقاً له دون توجيه مباشر.
في تربية الطفل، لا يكفي تقديم الطعام واللباس، بل يجب أن نزرع فيه القدرة على الاعتماد على النفس.
هذا لا يعني تركه دون مساعدة، بل تعليمه بأسلوب محب وفني كيف يربط حذاءه، كيف يرتب ألعابه، وكيف يعبر عن رأيه بثقة.
فنصنع من لحظات بسيطة دروساً تبني شخصية قوية، مستقلة ومحترمة.
كيف نُعلّم الطفل الاعتماد على النفس دون أن نُشعره بالإهمال؟
نعلّمه تدريجياً، ونحتفي بإنجازاته الصغيرة، فنشجعه ونرعاه دون أن نقوم بكل شيء بدلاً عنه.
هكذا يشعر بالأمان وبالقدرة في آنٍ واحد.
في النهاية، الطفل الذي كبر على يد أسرة واعية ومحبة، سيكون إنساناً نافعاً لنفسه ولمجتمعه، يحمل قيماً نبيلة، ويساهم في بناء عالم أجمل.