بنيت كنيسة ايا صوفيا بالقسطنطينية في القرن السادس ميلادي حيث عمدت لتكون مركزا رئيسيا للبيزنطينيين وعاصمة شرقية للدولة الرومانية، ايا صوفيا التي تعني الحكمة المقدسة شكلت رمزا للدولة البيزنطية قرابة التسعة قرون الى ان فتحها محمد الثاني او محمد الفاتح سنة 1453.
واول عمل قام فيه داخل المدينة كان تحويل هذه الكنيسة الى مسجد، تعبيرا عن الهوية الجديدة للقسطنطينية والتي تحول اسمها من اسم الملك قسطنطين الذي كان اول من اعلن مسيحيته في المدينة الى اسلام بول، وبقيت الى يومنا هذا تعرف بهذا الاسم اسطنبول.
الى ان جاء مصطفى كمال اتاتورك 1943وقام بتحويل ايا صوفيا الى متحف، وفي رسالة جديد اراد فيها ان يعلن عن الهوية الجديدة للدولة التي أصبحت علمانية، ومن ثم جاء اردوغان للحكم واصدر قرارا سنة 2020 بإعادتها الى مسجد لكي تعبر عن الهوية الجديدة للدولة التركية والمرتبطة بالارث التليد للدولة العثمانية.
القرار الذي اتخده الرئيس اردوغان لا يعدو كونه قرارا انتخابيا وليس اكثر، هكذا يصف بعض المطلعين على مضمون هذا القرار والذي يتاتى ايضا بسياق التاكيد على انتهاء حقبة وبداية حقبة، لما تعنيه ايا صوفيا من رمزية ودلالة، لكنه في ذات السياق لا يريد ان يخسر محيطه الدولي لذا فانه يقوم بهذه الخطوة وفق برنامج طويل الامد يحمل شكل وعود مؤيدة بقرار رئاسي، بهذا تنتطر ان تكون محصلة هذا القرار تحويل ايا صوفيا الي متحف في داخله مسجد للعبادة. وهذا ما يمكن استنباطه عندما قام الرئيس اردوغان بتحويل هذا الملف للقضاء التركي.
اجمالا القرار المتخذ قرار يحمل مدلولات داخلية وليست خارجية فحسب، وان كانت ستقوم باستفزاز اليونان وبعض دول الاتحاد الأوروبي كما القيصرية الروسية، كما ان هذا القرار سيقوم باستفزاز انصار اتاتورك، وهم أصحاب نفوذ كبير خصوصا في انقره، لكون هذا القرار سيمهد الطريق لعمدة اسطنبول لعودة العاصمة اليها.
فبعد خسارة حزب التنمية والعدالة في اسطنبول للانتخابات البلدية، وحاله التذمر والمصحوبة بانشقاقات بين اعضائه المركزيين، يحاول حزب التنمية والعدالة تسديد فاتورة المصالحة الشعبية مع ناخبيه لضمان نجاحه في الانتخابات القادمة من خلال رمزية ودلالة ومعنى قرار ايا صوفيا، فهل سينجح في ذلك، وهو الامر الذي ستجيب عنه صناديق الاقتراح القادمة.