إنّ صناعة الإعلام تقتضي تبنّي عدداً من المضامين وتوجيه الرسائل الهادفة التي تلعب دوراً هامّاً في التوجيه والتثقيف والتعليم وتبنّي قضايا المجتمع والإنسان ، وإنّ موضوع جنوح الأحداث يعتبر من المواضيع العالية الأهمية ، فهم أطفال دون الثامنة عشرة جعل منهم الإهمال الأسري والظروف الاجتماعية جانحين ، فانساقوا دون أدنى مقاومة مع تيارات الانحراف والجريمة ، بدل أن يكونوا أفراداً مندمجين مع المجتمع بشكل سويّ .
تعتبر مشكلة انحراف الأحداث إحدى أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات على اختلاف مواقعها الجغرافية وبنائها الثقافي ، حيث تمثّل هذه المشكلة إحدى أخطر وأعقد المشكلات الاجتماعية ، إذ تعرّض مستقبل أجيالها للخطر ، وتفتح أمامهم أبواب الضياع ، ناهيك عمّا تخلّفه من آثار مدمّرة على جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، وإنّ جنوح الأحداث يتمثل في مظاهر السلوك غير المتوافق مع السلوك الاجتماعي السويّ ، وبذلك فهي تعني السلوكيات المخالفة للقيم والأعراف المعتادة والمقبولة في المجتمع .
إنّ ازدياد عدد القضايا والمخالفات التي يرتكبها الأحداث والتي تتنوّع بين السرقة ، وتعاطي المخدّرات ، والعنف ، والاغتصاب ، والسطو على المنازل ، والتهريب ، والقتل ، تدّل بشكل صريح على الاستغراق في ممارسة ألوان السلوك المنحرف ، والتدرّج في شدة خطورته ، ما يتطلّب مزيداً من الإجراءات للتعامل مع هذه الفئة لضمان تأهيلهم وعدم عودتهم لطريق الجريمة مجدّداً ، ولقد عمدت الحكومات في مختلف الدول إلى وضع تشريعات خاصّة لصغار السن من مرتكبي الجرائم وهم الأحداث الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من أعمارهم ، بحيث تختلف هذه التشريعات عن تلك المقررة للبالغين من العمر ، وذلك لأنّ حرية الاختيار والقدرة على التمييز والإدراك تختلف عند الإنسان البالغ الراشد عنها في الحدث .
إنّ الاهتمام بمشكلة انحراف الأحداث بات أمراً يستدعي بذل المزيد من الجهد ، وذلك لما تنطوي عليه هذه المشكلة من خطورة مزدوجة ، فهي مصدر للتأثير السلبي على الأحداث أنفسهم ، إذ يتحوّلون إلى عبء ثقيل على أُسَرِهم والمجتمع بدل أن يكونوا الطاقة المتقّدة ابداعاً والمتنوعة مواهبا ، والمشكلة من جهة أخرى تكمن في جرائم هؤلاء الأحداث والتي تقع على الغير اعتداء وإضراراً بحقوقهم .
والحقيقة أنّ جرائم الأحداث مشكلة آخذة في الاتساع ، فالمؤسسات الاجتماعية المعنية بعملية التنشئة الاجتماعية وتعليم الأفراد كيفية احترام القانون والأعراف السائدة والامتثال لها وتجنّب الوقوع في سلوكيات خارجة عن القانون والعُرف ، لم تعد بمنأى عن تأثيرات العولمة والصراعات الحضارية والأيدولوجية ، حيث أصبحت خطاباتها وتأثيراتها تتوافق وثلاثية الزمان والمكان والفضاء .