أريد من زمني ذا أن يبلّغني ما ليس يبلغه من نفسه الزمن، في هذه الروح خضنا غمار المقاطعة، وكلّ واحد فينا وإن لم يسمع بهذا البيت طيلة حياته لكنّه في كلامه وأفعاله وجد روح المتنبيّ قد توقّدت في نفسه، هذا الأمل أهو معقول حدّ صعوبة تجسّده في النفس الطلابيّ؟ أم أنّه مجاز كأيّ مجاز نصرف النظر إليه إذا أردنا الهروب من الحقيقة الحياتيّة لا ذلك المجاز الذي نحاول الوصول إلى جماليته في الأدب والبلاغة، ولن نصل إلى حقيقته المثلى لأنّه يحتاج إلى صفاء الذهن، وعقولنا مليئة بمعتركات الواقع وتذبذباته بين حاضر الشباب المرير وأمسهم الأسود ومستقبلهم الذي يبدو واضح المعالم ولا يحتاج إلى تأويل ولا إعادة نظر إذا ما بقينا في هذا الواقع بلا شيء سواءً على واقعنا الدّراسي والسياسيّ والوظيفي بل وحتى الديني! وبعضهم يجمّل صورة الشباب في كلّ محفلٍ وميدان، ولا ندري تحت أيّ ذريعة يقومون بذلك!. ربما لأننا حتى آخر نفس بنا نحبذ العمل مهما كانت ظروف الحياة وعلى كافّة الأصعدة، هذا إن جاز لنا تسميتها حياة.
وما إن بدأت القوى الطلابيّة بحملتها والصراخ يعمّ الأرجاء والحماس بلغ حيز مواقع التواصل الاجتماعي، والقوى تتحاور وترفع من حجم الطلبات التي هي حقوق لكلّ طالب أبقى أهله بلا فائض ماديّ أول كلّ فصل لكي يكمل تعليمه، وآخر لم ينم ليالي وهو يكدّ ويعمل ويذهب مبكّراً إلى جامعته لتلقّي ما يُلقى إليه، وآخر شارف على نهاية العشرينات من عمره وهو بكلّ فصل إمّا يؤجل وإمّا يسجّل وما بين هذا وذاك مبالغ طائلة لا يقوى عليها شاب عشرينيّ لا معيل له إلّا الله ودعاء أمّه كرُمت عليه نفسه لأنّ مثله من سمح ومن سيسمح ويغيّر.
تصاعدت الأصوات وكثر الجمع الإلكتروني ولم ينم بعض أعضاء الاتحاد والقوى ليالياً طويلة في سبيل تحقيق ما راموا إليه، وفي كلّ لحظة ينشر أحدهم أمجاد الاعتصام المفتوح يختال كلّاً منّا شعور بأنّ إرادة ما ستأتي وإن اختلفت المعطيات والوقائع والزمن، وبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق هدفنا ومطالبنا، لكن مجريات الحجر والوقائع تحدّ من القدرة على الضغط بشكل أكبر كما كان سابقاً، وهناك من هم لا شيء على أيّ صعيد طلابيّ مطلبيّ بل وحتى وطني، ولا بد للحديث عنهم فهم يعبثون بأيّ صوت مكبّل بقيود -حريّة الرأيّ- يريد أن يعلو ويتكلم لعله يحدث بعد ذلك أمراً، ولا سبيل إلى ذلك سوى مزيد من الجهد على كاهل كلّ فرد منّا، وهم من امتهنوا من الخوف عملاً ومن الرضوخ تاجاً يضعونه على رأسهم الذي لا يكاد يرتفع إلى الأعلى حتى يسقط! لا لشيء بل لحاجة فيه فُطِر عليها. وما أشبههم بحماقة فرعون وقومه عندما جاءهم موسى -عليه السّلام- ذهبوا إلى تلفيق التهم بأنّه يريد الحكم وأن يضلّهم وهم له منكرون، وأمّا ما هم فيه من ذلّ وهوان فما لهم من طاقة عليه سوى طأطأة الرؤوس والحمد على ما جاءهم منه! ولكن هيهات هيهات فهم لتصدّر المواقف والمناداة بالوطنيّة أسبق وهي عنهم ببعيد!. وفي صباح الأربعاء والطلبة يزداد عزمهم بتخفيض تلك الرسوم حدث ما لا يرجوه أحد! لا ليس لأنه ينظر إلينا أننا مجرّد عملة نقديّة لا قيمة لنا! بل لأنّه بدا من كلام بعضهم وإعجابه بالتكاتف والتعاضد بين القوى أهم غاية من رسوم التخفيض، وكأنّ الأمر قد انتهى والمناقشات بلغت ما بلغت من التعنت والتأكيد على عدم التنازل عن أيّ طالب! أقصد عن أيّ فلس فُرِض على جيب الطالب وأهله! وحرصاً على عدم زيادة الأعباء الماديّة على الطلبة وتغريمهم -فوق الرسوم الأصليّة- انتهت الحملة ولكن للنصّ والحملة عنوان مفقود وللطلبة فكر يوم بعد يوم يزيد!.