لم يتم بناء العقبة بالطريقة العصرية من اجل تكوين مدينة جديدة فقط، وكما لم يتم انشاء البنية التحتية في العقبة
من اجل اهالي العقبة فحسب، بل من اجل تقديم العقبة باعتبارها العاصمة الاقتصادية للاردن والمدينة المنافسة للجذب السياحي في المحيط الاقليمي، لكننا ما زلنا نتعامل مع العقبة باعتبارها قرية وعدد سكانها لم يتجاوزوا مئة الف، وهذا ما جعلنا نتسائل عن برنامج العقبة في تقدمها لذاتها باعتبارها تشكل ذلك النموذج القادر على المنافسة.
فعلي الرغم من استثمار قرابة العشرين مليار دولار ما زالت العقبة بحاجة الى هوية سياحية و استثمارية
جاذبة ورسالة تنموية واضحة تمكنها من اخذ مكانتها الاقليمية، وانطلاق اشعاعها الجاذب، ومع من ان العقبة
كانت قد حظت بعناية استثنائية خاصة، وتم تشييدها بناء على مخططات شمولية مميزة، وهيكلية ادارية خاصة، ووصف وظيفي مهني، ورزم ضريبية ذات احكام استثنائية، الا ان رسالتها لم تصل بعد الى محتواها الذي نرجوه، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الاسباب، مع ان العقبة كانت قد امتلكت العناوين الاساسية في التكوين والتشييد،الا انها لم تستطع استقطاب بعد، الاعداد السكانية اللازمة والاستثمارات المتمة والتي يعول عليها في فكرة احياء العقبة باعتبارها العاصمة الاقتصادية حتي تنافس على مكانة لها على المستوى الاقليمي المحيط.
بينما لم تشفع النظم الادارية التي تعتمدها على تشكيل تلك العناوين وتقديم النموذج المأمول، والذي كان يعول عليه
في تكوين بؤرة استقطابية لاقليم الجنوب في هضم كل الطاقات التشغيلية عن طريق القيام بتدوير راسمال المال
الذي امتلكته جراء البنية التحتية،الا ان البيئة الاستثمارية التي تؤهلها للقيام بهذا الدور بقيت تراوح مكانها، حيث عدد السكان محدود، وطريقة الاستقطاب تقليدية، وكما الادوات الاستثمارية مازالت غير عاملة كما يجب، الامر الذي اثر على رسالة العقبة مما جعلها لا تبدو واضحة،لا على صعيد السياحة الترويحية كونها غير منافسة تشغيليا. ولا على مستوى السياحة العلاجية كونها غير موجودة، ولا على حتى صعيد السياحة التاريخية كونها غير مربوبطة كما يجب بالمثلث الذهبي بوادي رم والبتراء، وهنا اتحدث عن الهضم الاستراتيجي لهذه المعالم في اطار مشروع العقبة الريادي.
و ما جعلني اكتب في هذا الموضوع ان العقبة لم تسجل اية اصابة في وباء كورونا، كما ان محافظة العقبة هي المحافظة الوحيدة التي يمكن ربطها جوا بعمان، وتمتلك كل سمات التاهيل، لكنها لم تحرك محركاتها بعد، في استقطاب الاردنيين اليها سياحيا او استثماريا على الرغم من تسيير الخط الجوي الناقل اليها و حالة الغلق الجوي السائدة، وهذا لافتقارها الرسالة الجاذبة في الاسعار كما في البرامج الترويجية والترويحية.
السؤال الذي سيبقى برسم الاجابة متى ستنتفض العقبة وتدرك السلطه فيها،انه يعول عليها الكثير، وان اية معيقات تحول بينها وبين تحقيقها لرسالتها الاستثمارية والتنموية إن كان ما تعلق منها في الرزم الضريبية او من منظومة لوجستية كان يمكن تقديمها للحكومة في ظل الظروف الحالية، كون الحكومة تمتلك امر الدفاع قد يسعفها دون بيروقراطية العمل على ايجاد حلول للتحديات او المعيقات التي تواجه استراتيجيتها التنموية.
فالعقبة كان يمكن ان تشكل حالة استثمارية وسياحية جاذبة ضمن مناخات كورونا عبر قيامها بتشغيل مطارها
الي المحيط الخارجي وباستقبال الافواج السياحية لغايات التشغيل وللتخفيف من تبعات حالة الركود في الخدمات السياحية، وذلك عبر اصدار اوامر دفاع تقوم بتحسين البيئة الاستثمارية عن طريق نقديم حلول تشغيلية لا تقف عند تشخيص الواقع فحسب، بقدر ما تقدم حلولا تحفيزية تجعلها المدينة السياحية الاولى ترويحيا في المنطقة، وهذا بحاجة للبدء بالفتح التدريجي الجوي للمطار على العالم من باب مطار العقبة اولا.
وذلك لتعزيز حجم الاقبال على العقبة من باب فتح مطار العقبة امام المسافرين على ان ياتي ذلك عبر برنامج تشغيلي ممتم للعقبة، فيه من البرامج الترويجية الجاذبة، كما يحوي على برنامج ترويجي استقطابي فاعل، فان تحريك العجلة الاقتصادية لا يتاتى عبر رمي الاعباء على كورونا، ولا من فحوى المقارنة بيننا وبين المحيط، فالاردن حقق انجازا في التعاطي مع الوباء لابد من استثماره، لذا دعونا نبحث عن موجبات الحل، حتى لا ترهقنا مسالة لعن الظلام، والا فاننا نكون نسبح، لكن ليس في شاطئ العقبة لكن في سراب.