يُعد الإعلامي الأردني علي أسعد من أبرز الأسماء التي شكلت تاريخ الإعلام في الأردن والعالم العربي، حيث امتدت مسيرته المهنية لأكثر من خمسة وخمسين عامًا، قدّم خلالها إسهامات بارزة في مجال الإذاعة والتلفزيون، قبل أن يتحول إلى أحد أبرز مدربي الإعلاميين العرب. في هذا المقال نستعرض مراحل حياته المهنية، مع التركيز على دوره الحيوي في الإذاعة الأردنية التي كانت نقطة انطلاقه ومنبر تألقه.
بدأ علي أسعد رحلته الإعلامية في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية في مرحلة كانت الإذاعة فيها في طور التأسيس والتطور. برز صوته وموهبته في التقديم والإخراج الإذاعي، ما جعله سريعًا من أبرز المذيعين والمخرجين الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية رفع مستوى البرامج الإذاعية وجودتها.
كان لعلي أسعد دور محوري في بناء وتطوير برامج الإذاعة الأردنية، حيث لم يقتصر عمله على التقديم الصوتي فقط، بل تعداه إلى الإخراج الفني والإعداد المتميز للبرامج، ما ساهم في إرساء قاعدة إعلامية متينة.
شارك في إعداد وتقديم العديد من البرامج المتنوعة التي شملت:
البرامج الحوارية التي تناولت القضايا الاجتماعية والثقافية.
البرامج التربوية والتوعوية التي استهدفت الجمهور الأردني بجميع فئاته.
الفقرات الفنية والثقافية التي أضفت على الإذاعة بعدًا إنسانيًا عميقًا.
تميّز أسعد بأسلوبه الإذاعي الهادئ والواضح، مع قدرة فائقة على توصيل المعلومة بأسلوب شيق وجذاب، مما جعله صوتًا مألوفًا ومحبوبًا لدى المستمعين.
كما لعب دورًا تدريبيًا في صقل مهارات الإعلاميين الشباب في الإذاعة، ونقل لهم خبرته الطويلة في فنون الإلقاء والإعداد، مما أسهم في بناء جيل من الإعلاميين الذين ساروا على نهجه.
بعد سنوات من العطاء في الإذاعة الأردنية، اتجه علي أسعد للعمل في مؤسسات إعلامية دولية مرموقة، مثل هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) والإذاعة الإيرانية، حيث أضاف مزيدًا من الخبرات إلى رصيده الإعلامي، وتعلم أساليب متطورة في الإعلام، أعاد نقلها لاحقًا إلى الإعلام العربي.
مع تراكم خبراته الواسعة، تحول علي أسعد إلى مدرب دولي للإعلام، وبدأ يقدم دورات تدريبية وورش عمل في العديد من الدول العربية، مُركزًا على تطوير مهارات اللغة العربية الفصحى، وأخلاقيات العمل الإعلامي، وتقنيات التقديم والإخراج الإذاعي والتلفزيوني.
كان له دور بارز في تطوير قدرات الإعلاميين، ورفع مستوى البرامج عبر نقل تجربته العملية والنظرية، ليصبح بذلك من أبرز المدربين الذين ساهموا في رفع جودة الإعلام العربي.
في عام 2023، أصدر علي أسعد كتابه القيّم بعنوان "ثمانية وخمسون عامًا من الإعلام والأعلام"، حيث يوثق فيه مسيرته الإعلامية الغنية، ويناقش خفايا العمل الإذاعي والتلفزيوني، ويبرز أهم التحديات التي واجهها خلال مسيرته، كما يقدم نصائح للأجيال الجديدة حول كيفية الحفاظ على اللغة العربية الفصحى في الإعلام، والتمسك بأخلاقيات المهنة.
يُعتبر علي أسعد نموذجًا للإعلامي المهني والمثابر، الذي جمع بين الموهبة والخبرة والتدريب. ترك إرثًا إعلاميًا غنيًا من خلال صوته، وبرامجه، ودوره في تدريب أجيال الإعلاميين العرب، كما ساهم في تطوير جودة البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
يبقى اسمه مرتبطًا بجودة البرامج التي قدمها، وبالرسالة السامية التي حملها طوال حياته المهنية، وهو مثال يحتذى به في مجال الإعلام في الأردن والوطن العربي.
من ميكروفون الإذاعة الأردنية التي شهدت انطلاقة موهبته، إلى أروقة المؤسسات الإعلامية العالمية التي صقلت خبراته، مرورًا بمسيرته التدريبية المتميزة، يظل الإعلامي علي أسعد علامة فارقة في تاريخ الإعلام العربي. قصته ليست فقط حكاية مذيع أو مخرج، بل هي ملحمة عطائه المستمر وإرثه الذي يستمر في إلهام الإعلاميين حتى اليوم.