في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها الاقتصاد السعودي، يبرز قطاع العقار كأحد الركائز الحيوية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. ومع تصاعد المنافسة وتزايد متطلبات المستفيدين، لم تعد الأدوات التقليدية في الإدارة كافية لضمان كفاءة الأداء واستدامة النمو هنا تتقاطع مفهومان إداريان محوريان: الإدارة الاستراتيجية والعدالة التنظيمية بوصفهما عنصرين تكامليين يمكن من خلالهما تعزيز أداء المنظمات العقارية وتوجيهها نحو تحقيق التميز المؤسسي.
أولاً: الإدارة الاستراتيجية - خارطة الطريق المؤسسية
تشير الإدارة الاستراتيجية إلى ذلك النمط الإداري الذي يعتمد على التخطيط بعيد المدى وصياغة الرؤية والرسالة وتحديد الأهداف وتحليل البيئة الداخلية والخارجية. وتمكن هذه المنهجية المنظمات من التكيف مع المتغيرات المتسارعة، خاصة في سوق ديناميكي كسوق العقار السعودي الذي يتأثر بعوامل متعددة تشمل العرض والطلب، والتشريعات، ومتغيرات الاقتصاد الكلي.
تتضمن الإدارة الاستراتيجية ثلاث مراحل متداخلة
1. صياغة الاستراتيجية بما يشمل تحديد الأهداف والغايات بعيدة المدى.
2 تنفيذ الاستراتيجية من خلال تفعيل الموارد وتوجيه الكفاءات. 3. تقييم الأداء وتحليل الفجوات ومعالجتها دورياً.
هذه العمليات لا تُعد مجرد أدوات تخطيطية، بل تمثل آلية حوكمة داخلية تنعكس على جودة اتخاذ القرار ومرونة استجابة المؤسسات العقارية لمتطلبات السوق.
ثانياً : العدالة التنظيمية - بيئة العمل المؤثرة في الأداء
من ناحية أخرى، تُعد العدالة التنظيمية أحد العوامل النفسية والسلوكية الجوهرية في بيئة العمل. وتشير إلى إدراك الموظفين لعدالة الإجراءات والسياسات التي تحكم علاقتهم بالمنظمة. وتُقسم العدالة التنظيمية إلى ثلاثة أبعاد رئيسية
. العدالة التوزيعية: وتعني العدالة في توزيع المكافآت والمزايا استنادًا إلى الأداء أو الجهد.
. العدالة التفاعلية: وتشير إلى أسلوب تعامل الإدارة مع الموظفين ومدى احترامهم وتقديرهم.
وقد كشف الأبحاث أن وجود العدالة في السوق يؤدي إلى تعزيز الانتماء
الوظيفية، وخفض مستويات التوتر والصراعات الداخلية، وزيادة رضا العاملين، وهو ما ينعكس بدوره على جودة الأداء.
ثالثًا: تكامل الإدارة الاستراتيجية والعدالة في السوق
تتجلى العلاقة بين التقدم في أن الإدارة الاستراتيجية الفعالة لا يمكن أن تحقق أهدافها دون بيئة تنظيمية عادلة. فنجاح تنفيذ الاستراتيجيات يعتمد بدرجة كبيرة على التزام العاملين، وهو التزام لا يتحقق ما لم يشعروا بالإنصاف في المعاملة والمكافأة والتقدير. لذلك، تصبح العدالة في السوق المؤشرات الدعامة النفسية والتنظيمية التي تساند التطبيق العملي للاستراتيجية.
وفي السياق العقاري، وبأهمية هذا التكامل، حيث يتطلب تنفيذ المشاريع العقارية الكبرى تضافر جهود متعددة من فرق عمل متنوعة التخصصات. إن غياب العدالة في مثل هذه البيئات قد يؤدي إلى ارتفاع معدل الدوران الوظيفي، وتراجع الشعور المعنوي، وتأخير تسليم المشاريع، وتحديد الكلفة التشغيلية.
رابعًا: الأثر على سوق العقار السعودي
إن دمج الإدارة الاستراتيجية بالعدالة في السوق يمكن أن يحدث تحولًا إيجابيًا ملموسًا في سوق العقار السعودي من خلال:
. رفع كفاءة الأداء المؤسسي عبر تحفيز العاملين على الابتكار والمبادرة
. تعزيز ثقة المستثمرين والمشترين من خلال مؤسسات تتصف بالشفافية والانضباط المؤسسي.
. تقليل الهدر الإداري الناتج عن ضعف الروح المعنوية أو سوء توزيع الموارد البشرية.
. تحسين جودة الخدمات العقارية، بما فيها التسويق وخدمة العملاء وإدارة العقارات
خامساً: توصيات مستقبلية
1. ضرورة تضمين مؤشرات العدالة في السوق ضمن أدوات تقييم الأداء المؤسسي في الشركات العقارية.
2. توعية القيادات الإدارية بأهمية العدالة باعتبارها عنصراً إستراتيجياً لا مجرد قيمة أخلاقية.
3. الاستثمار في بناء ثقافة تنظيمية قائمة على الحوار والمساءلة والمكافأة
.4. تطوير أنظمة معلومات إدارية داعمة لصياغة وتنفيذ استراتيجيات شفافة ومعلنة.
ختاما
المتنوعة التي تناسب الإدارة الإستراتيجية والعدالة تعد الاتصال بها معروفة وتعمليا لتعزيز الفعاليات العقارية في السعودية. ومع ذلك، فإن مشاريعهم الوطنية، بادروا إلى هذا تكامل أحد مفاتيح الريادة في القطاع العقاري، بما في ذلك يتواءم مع تطلعات المجتمع السعودي نحو بيئة عمرانية عادلة واستدامة.