أيها الغارق في أحلامك المسمومة، تتحدث عن "إسرائيل الكبرى" وكأنك نبيٌّ مرسل، بينما أنت لا تعدو أن تكون قائدًا لآلة احتلال غاشمة، تحاول ابتلاع الأرض والتاريخ والإنسان.
تجرؤ لتضم إلى خريطتك الوهمية فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر، ناسياً أن هذه الأرض ليست رمالًا تتحرك بقراراتك، بل دماءٌ وشرفٌ وعقيدة، ووراءها شعوبٌ إذا ثارت كسرت عظام جيوشك.
تتشدق بـ"مهمة تاريخية وروحية"، ونحن نقول لك: التاريخ سيلعن اسمك، والروح التي تدّعيها ليست إلا روح البغي والقتل والاغتصاب. لم تتعلم من سقوط الطغاة عبر العصور، ولم تدرك أن نار الظلم إذا اشتعلت في قلوب المظلومين، لا تنطفئ حتى تحرق عروش الجبابرة.
هل نسيت يا نتنياهو أن هذه الأمة أنجبت صلاح الدين الأيوبي، الذي وحّد الصفوف وحرر القدس من قبضة الغزاة؟ هل تناسيت بطولات العرب الذين وقفوا في وجه الإمبراطوريات الكبرى، وانتصروا حين ظن العدو أن الأرض خلت من الرجال؟ التاريخ نفسه الذي تتجاهله سيعيد المشهد، وسيأتي يومك الذي ترحل فيه، كما رحل من قبلك كل طاغية.
الأردن الذي تحلم بضمّه ليس سطرًا في دفتر أحلامك، بل هو قلعة حصينة، وقيادته بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني كانت وما زالت رأس الحربة في الدفاع عن فلسطين، وصوت الحق في كل المحافل الدولية، وحامي المقدسات الإسلامية والمسيحية بالوصاية الهاشمية التي أفشلت مرارًا مشاريعك التهويدية.
فلسطين ليست قضيتنا وحدها، بل عهد دم بيننا وبين التاريخ، لا يسقط بالتقادم. وإذا كانت لك خريطة تلوّنها كما تشاء، فاعلم أن لنا خريطة تُرسم بدم الشهداء، وخطوطها حدود مقدسة، لا يجرؤ محتل على تجاوزها إلا وتكسّرت فوقها أحلامه.
هذه رسالتي لك، من الكاتبة شفاء الثنيان، ابنة البادية الأردنية، التي تعرف أن الرمال قد تبدو هادئة، لكنها حين تهبّ عاصفة، تبتلع كل من تجرأ على تدنيسها.
حاربوهم حتى بالقلم، فإن الكلمة الحرة أقوى من رصاصهم، وأصدق من كل أكاذيبهم، وسيرحل نتنياهو قريبًا كما رحل كل من ظن أن الأرض ستخضع لجبروته.