"مسيد
المومني: نموذج للمرأة المتميزة في خدمة الثقافة والمجتمع والإعلام"
نيروز – محمد محسن عبيدات
في قلب جبال عجلون، حيث تتعانق غابات البلوط مع نسيم الصباح،
ولدت الأديبة الأردنية مسيد محمود المومني عام 1978 في بلدة عبين/عبلين، حاملة في ملامحها
صفاء الطبيعة وهدوء الجبل، وفي روحها شغف الكلمة وضياء الحلم. هناك، بين أزقة البلدة
القديمة ودفاتر المدرسة الثانوية، تفتحت موهبتها الأولى، قبل أن تشق طريقها نحو جامعة
اليرموك لتتخرج عام 2005 بشهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام – فرع العلاقات العامة،
حاملة معها يقيناً بأن الكلمة يمكن أن تكون رسالة، وأن الإعلام يمكن أن يكون جسراً
بين القلوب والعقول.
منذ العام 2009، أصبحت مسيد المومني إحدى الوجوه البارزة
في غرفة تجارة إربد، حيث تتولى رئاسة قسم العلاقات العامة في قسم الإعلام والعلاقات
العامة، وتدير تحرير المجلة الصادرة عن الغرفة بحرفية واقتدار، مضفية على عملها روح
الإبداع وعمق الرؤية. حضورها في هذا الموقع لم يكن إدارياً فحسب، بل كان مساحة تتلاقى
فيها المهنية مع الإنسانية، والاتصال المؤسسي مع الهم الوطني.
مسيد، ليست فقط مسؤولة
إعلامية ناجحة، بل هي قاصة وروائية حملت وجع الإنسان على الورق، وجعلت من الحروف مرايا
للذات والمجتمع. انضمت إلى رابطة الكتاب الأردنيين، وتولت أمانة سر فرع عجلون لدورتين
متتاليتين، وكانت صوتاً حاضراً في الأمسيات والندوات والمؤتمرات، وفي لقاءات إذاعية
وتلفزيونية جعلتها أكثر قرباً من جمهورها.
نشرت قصصاً قصيرة وخواطر في منابر محلية وعربية وعالمية،
وكتبت مقالات ساخرة لامست الواقع بحس فني لاذع. ومن بين إصداراتها التي وجدت صدى واسعاً:
المجموعة القصصية "مسافات مفتعلة" (2013) التي جاءت ضمن فعاليات عجلون مدينة
الثقافة الأردنية، ورواية "خطوة في المنتصف" (2016) التي دعمتها وزارة الثقافة،
ورواية "لست من طين" (2020)، وأحدث إصداراتها المجموعة القصصية "كحل
أسود" (2023). وقد انشغل بها النقاد، فكتبوا عنها دراسات وقراءات نقدية أضاءت
عوالم نصوصها، وأبرزت قدرتها على الغوص في القضايا الإنسانية العميقة، لا سيما ما يخص
المرأة والمجتمع.
ومسيد، في مسيرتها، ليست مجرد كاتبة أو إعلامية، بل امرأة
قيادية ذات رؤية استراتيجية ثاقبة، تلتقط ملامح الحدث بذكاء، وتقرأ المشهد الوطني والعربي
بوعي ومسؤولية، واضعة القضية الفلسطينية في قلب اهتمامها. هي سيدة صادقة وشفافة، متواضعة
وكريمة، حاضرة في العمل الخيري والثقافي، متجذرة في العادات والتقاليد العربية الأصيلة،
وفي الوقت نفسه منفتحة على آفاق العصر وروحه.
هي نموذج للمرأة الأردنية التي جمعت بين الحرف والموقف، بين
الإبداع والإنجاز، بين العمل والإنسانية، لتغدو صورة مشرقة في سجل الثقافة والإعلام،
وعنواناً للعطاء النبيل والوفاء للأرض والهوية. تبقى مسيد المومني حكاية ملهمة، تشبه
في نقائها ينابيع الشمال، وفي عمقها جذور الزيتون، وفي امتدادها أفق الحلم الذي لا
ينطفئ.