أطلق الرئيس الأمريكي رونالد ريغان عام 1983 برنامج الدفاع الصاروخي الأمريكي الذي تطور بعد نظام حرب النجوم، (Strategic Defense Initiative – SDI)، تعرض النظام في حينه لانتقادات بما يتعلق بالجدوى التقنية والتكلفة العالية ولم يتم تطبيقه بالكامل والذي تم تطويره لاحقا الى برنامج الدفاع الصاروخي القومي (National Missile Defense).
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 27 يناير 2025 مرسوما رئاسيا لبناء قبة حديدية دفاعية متطورة مضادة للصواريخ، أعلن الرئيس ترامب يوم 20 مايو 2025 عن نظام الدفاع الصاروخي المزمع انشائه بهدف حماية كامل الأراضي الأمريكية من أي هجمات صاروخية محتملة تنفيذا لما وعد به اثناء حملته الانتخابية عام 2024، يتوقع الرئيس ترامب ان يكون البرنامج جاهز قبل نهاية عام 2029.
وصف ترامب المشروع بأنه نظام متطور من الجيل الجديد يشمل أجهزة استشعار ومقاومات قادرة على الاعتراض في الفضاء لمجابهة واعتراض التهديدات الجوية والاقمار الصناعية التي قد تنفذ هجمات الكترونية او تنفذ عمليات اصطدام بأقمار أخرى، وكذلك الصواريخ المتطورة مثل الصواريخ العابرة للقارات والصواريخ المجنحة والمدارية والصواريخ التي قد تطلق من الفضاء وصواريخ الكروز والصواريخ البالستية والفرط صوتية الصينية والروسية وصواريخ كوريا الشمالية، وكذلك مجابهة الطائرات المسيرة، وسيتم نشر النظام على البر والبحر وفي الفضاء، يأمل ترامب تحقيق نسبة نجاح 100% في الحماية لان التكنولوجيا الحالية اكثر تطورا.
صرح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيت بان القدرات التكنولوجية المتطورة يمكن ان تمكن الرؤية القديمة من التحقق، تم تكليف الجنرال مايكل غيتلاين نائب رئيس العمليات في قوة الفضاء الامريكية (U.S. Space Force) بتولي مسؤولية قيادة المشروع.
اثار البرنامج انتقادات من العديد من الدول بسبب الخشية من ان يؤدي البرنامج الى عسكرة الفضاء والمزيد من التسابق بين الدول بهذا الخصوص الى زعزعة الامن العالمي، أعربت الصين عن قلقها البالغ من المشروع واعتبرته انتهاكًا لمبدأ الاستخدام السلمي للفضاء وحذرت من أنه قد يهز أسس الأمن الدولي ويطلق سباق تسلح جديد، عبرت روسيا عن مخاوفها من زعزعة الاستقرار الاستراتيجي العالمي، وحذرت من أن المشروع قد يخل بتوازن الردع النووي.
تبلغ التكلفة الأولية للبرنامج 175 مليار دولار (25 مليار كاستثمار أولي)، وبتكلفة 500-830 مليار دولار على مدار 20 عامًا، وقد تصل الى اعلى من ذلك حسب بعض التقديرات، علما بان الكونغرس يواجه صعوبات في الموافقة على الميزانية بسبب تكلفتها الباهظة، مح احتمالية مشاركة كندا في البرنامج.
المتوقع صعوبة التنفيذ في الإطار الزمني المحدد بسبب التعقيدات التقنية والتمويلية، مع احتمال تجاوز التكلفة التقديرية بكثير ما هو مخطط له، قد يكون هناك حالة من عدم اليقين بجدوى التكنولوجيا الحالية للتمكن من تحقيق الأهداف المطلوبة، بالإضافة الى ان تكلفة الصواريخ الباليستية الهجومية أقل بكثير من تكلفة الصواريخ الاعتراضية اللازمة لإيقافها. من التحديات الاستراتيجية ان البرنامج قد يثير سباق تسلح فضائي بين الدول العظمى، ومن نقاط الضعف ضعف فعالية النظام حال وجود هجوم شامل وعدم المقدرة على التعامل مع هجمات متعددة ومتزامنة، إمكانية استهدافه بأنظمة مضادة للأقمار الصناعية. ذكرت وكالة الفضاء الأمريكية (APS) في دراسة لها في بداية شهر مايو 2025: "نقدر أن هناك حاجة إلى كوكبة من حوالي 16,000 صاروخ اعتراضي لمحاولة التصدي لوابل سريع من عشرة صواريخ باليستية عابرة للقارات، وهناك انتقادات داخلية حيث يشكك مشرعون ديمقراطيون في الجدوى والفعالية.
يتكون نظام القبة الذهبية من ثلاث طبقات حماية رئيسية:
الطبقة الفضائية. تعتمد على 1000 قمر استطلاعي لمراقبة حركة الصواريخ عالميًا من مرحلة اطلاقها وحتى مراحل طيرانها المختلفة، 200 قمر هجومي مزود بصواريخ اعتراضية وأسلحة ليزر متطورة لتعطيل او تدمير التهديدات دون استخدام صواريخ اعتراضية تقليدية، بالإضافة الى صواريخ اعتراضية فضائية قادرة على إسقاط الأهداف بعد لحظات من إطلاقها.
الطبقة الجوية والبحرية. منصات إطلاق منتشرة عبر الجغرافيا الأمريكية، وأنظمة بحرية على الزوارق والغواصات الحربية.
الطبقة الأرضية. أنظمة دفاع صاروخي أرضي متطورة قابلة للتكامل مع أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية الحالية.
الخلاصة
مشروع القبة الذهبية يعكس رغبة الولايات المتحدة لاستعادة الردع والهيبة العسكرية ويمثل رؤية ترامب لإنشاء نظام دفاع صاروخي شامل يحمي الولايات المتحدة من جميع التهديدات الصاروخية المحتملة. على الرغم انه يروج للمشروع كإنجاز تقني وأمني غير مسبوق على المستوى الاستراتيجي، هناك العديد من المخاوف الجيوسياسية والتحفظات وعلامات الاستفهام وانتقادات عديدة تتعلق بجدواه التقنية، التكلفة العالية، التداعيات المحتملة على الأمن الدولي. ويبقى السؤال - هل يمكن ان تتحقق رؤية ترامب عمليا على ارض الواقع خلال الإطار الزمني المحدد، في ظل التحديات التقنية والمادية أم أنه سيواجه نفس مصير برنامج حرب النجوم؟