مقابلة صحفية مع المحلل السياسي المؤرخ عمر محمد نزال العرموطي/ مؤلف كتاب الصين في عيون أردنية/ ونجل أول رئيس لجمعية الصداقة الأردنية الصينية (معالي الأستاذ محمد نزال العرموطي وزير الداخلية الأسبق) اليوم الأحد 18/5/2025م مع وكالة الأنباء الصينية (شنيخوا)
س1) أي كلمات في رسالة الرئيس الصيني شي جين بينغ تترك لك انطباعاً أعمق؟ لماذا؟
ج1) "إن العالم يشهد تغيرات مُتسارعة لم نشهد لها مثيل منذ قرن وأن الوضع في الشرق الأوسط يتطور بطريقة مُعقدة" (من كلمات الرئيس الصيني شي جين بينغ).
... وذلك لأن ما يتحدث به الرئيس الصيني يشعُر به كُل مواطن عربي في منطقة الشرق الأوسط... فكُل مواطن عربي يعرف بأن أمريكا وإسرائيل وحُلفائهم يتلاعبون بهذه المنطقة ويمتصون خيراتها وأحياناً تخلق الحروب والإضطرابات بدولها... وأهل غزة وفلسطين يُعانون ما يُعانون من إبادة جماعية وتدمير مُمنهج وتهجير وحصار وتجويع.
س2) كيف ترى العلاقات بين الصين والدول العربية خاصة مع الأردن خلال السنوات الأخيرة، وهل تعتقد أن العلاقات الصينية العربية هي نموذج للتعاون بين الدول النامية، كيف ترى هذه العلاقات؟
ج2) العلاقات بين الصين والدول العربية علاقات قديمة يعود تاريخها إلى طريق الحرير القديم..
... والآن تُعتبر العلاقات بين الصين والدول العربية مثالاً جيداً للتعاون بين الصين والدولة العربية في مُختلف الفترات التاريخية...
... نعم العلاقات العربية الصينية تعتبر نموذجاً للتعاون بين الصين والدولة النامية لا سيما وأن الصين لديها مشروع مُبادرة (الحزام والطريق) أو ما يُعرف بـ (طريق الحرير الجديد).
... وهناك علاقات إقتصادية وثقافية وسياسية مُتبادلة... وإن مواقف الصين تجاه قضايا الأمة العربية ولا سيما القضية الفلسطينية هي مواقف مُشرفة تدعم الحق العربي ومنها موقف الصين الواضح ضد الإبادة الجماعية والتهجير والتدمير الذي يجري الآن في غزة وفلسطين المحتلة.
... وفيما يتعلق بالعلاقات الصينية الأردنية فإنها تُعتبر علاقات متميَّزة وهي وصلت إلى علاقات شراكة وهناك تبادل تجاري كبير علماً بأن الميزان التجاري في صالح الصين لأن الصين قد غزت أسواق العالم بصناعاتها الحديثة وهي نسبياً رخيصة الثمن ومنها السيارات الكهربائية التي تعمل بالطاقة النظيفة.
وهناك شراكة استراتيجية بين الأردن والصين عززتها زيارات عديدة لجلالة الملك عبد الله الثاني إلى الصين وزيارات لفخامة الرئيس الصيني وعدداً من كبار المسؤولين الصينيين إلى الأردن حيث تم التوقيع على اتفاقيات ثنائية في مُختلف المجالات.
وتُقدم الصين مُساعدات ومنح للأردن بدون شروط وبدون التدخل بالشؤون الداخلية للأردن وأضرب مثالاً على ذلك مشروع توسيع طريق السلط – العارضة – الأغوار بمسربين الذي تم تمويله وتنفيذه بمنحة صينية وقد تم الإنتهاء من هذا المشروع الكبير خلال العام الماضي بدلاً من الطريق السابق الخطر الضيِّق وكان به تعرجات خطرة جداً وبمنحة تبلغ حوالي 30 مليون دولار.
... وهناك مصانع صينية في الأردن في مدينة إربد وغيرها من المناطق وقامت شركات صينية بإنشاء مدينة الحسن الرياضية في إربد.
كما قدمت الصين للأردن إمدادات ومُساعدات طبية قبل سنوات أثناء جائحة الكورونا كما تبرعت الصين بلقاحات للأردن.
س3) من خلال تجربتك ما هي النقاط البارزة في التعاون الثقافي والتبادل الإنساني بين الصين والأردن، وكيف يُمكن لهذا التعاون والتبادل أن يدفع نمو البلدين وتعزيز رفاهية الشعبين؟
ج3) في العاصمة الأردنية عمَّان نجد معهد كونوفوشيوس الصيني التباع لمؤسسة طلال أبو غزالة ومراكز لتعليم اللغة الصينية... وفي السنوات الماضية تم افتتاح المركز الثقافي الصيني في حي عبدون بالعاصمة عمَّان الذي يقوم بنشاطات ثقافية وفنية وتثقيفية رائعة في مختلف المجالات.
... واتمنى أن يتم ترجمة كتب أردنية وعربية هامة إلى اللغة الصينية وكذلك ترجمة كتب صينية هامة إلى اللغة العربية.. وهناك اتفاقية مُوقعة ما بين اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين مع إتحاد الكتاب والأدباء الصينيين... لتبادل الزيارات بشكل مستمر... علماً أنني أنا (عُمر العرموطي) قد ترأست وفد اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين الذي زار الصين عام 2012م عندما كنت أميناً عاماً لاتحاد الكتاب في تلك الفترة.
... وأذكر حينما زرنا العاصمة الصينية بكين بأن وفد اتحاد الكتاب قد زار متحف الكتاب والأدباء الصينيين وهو متحف رائع يزوره الكثير من الأدباء والمثقفين والسياح ونجد فيه خانة لكل أديب وكاتب تُعرض فيه إصداراته من الكتب والسيرة الذاتية... وهناك بالوسط مزهرية ضخمة مكتوب عليها أسماء كل الأدباء الصينيين ومُلحق بهذا المتحف معهد لتدريب وتنمية مهارات الكتاب المبتدئين... وقد اقترحت بالسنوات الماضية على معالي أمين عمَّان د. يوسف الشواربة بأن يتم تحويل مبنى دائرة المكتبات التابع لأمانة عمَّان إلى متحف الكتاب والأدباء الأردنيين تكريماً للأدباء والكتاب الأردنيين... وعلى غرار فكرة متحف الكتاب والأدباء الصينيين.
... وهنا أقترح كذلك زيادة التعاون الأردني الصيني من خلال تبادُل المعارض الأردنية والصينية سواء الثقافية أو العلمية أو التجارية وكذلك مؤتمرات مشتركة بين البلدين.
... وأقترح تنظيم مؤتمر خلال العام القادم في العاصمة الصينية بكين بعنوان (الحوار الصيني الأردني) أو (العلاقات الأردنية الصينية).
كما اقترحنا على سعادة سفير جمهورية الصين الشبعية في الأردن بأن يُصار إلى إعداد وتأليف موسوعة عن الطب الصيني باللغة العربية.
س4) في مواجهة تيار الهيمنة والأحادية في الوقت الحالي في أي مجالات يمكن للصين والدول العربية أن تدعم بعضها البعض لتكون صديقين مشتركين؟
ج4) في مواجهة تيار الهيمنة والأحادية على الصين والدول العربية أقترح أن تطور علاقاتها بشكل عام من منظور استراتيجي طويل الأمد واستغلال الصداقة الصينية والشراكة مع الدول العربية من أجل الوقوف أمام الهيمنة الأمريكية الأحادية حتى نصل عالم متوازن مُتعدد الأقطاب لذلك على الدول العربية أن تعمل على توازن وصداقة وتعاون بشكل أقوى حتى لا تكون رهينة لقطب واحد.
س5) في الوقت الحاضر، تركز الصين على دفع التحديث الصيني النمط، وأكد الرئيس شي أن الصين مستعدة لرفع التحديث مع الدول العربية، ما هي الفرصة التي مُمكن أن يأتي بها التحديث الصيني النمط والتعاون المُتبادل المنفعة مع الدول العربية؟
ج5) يجب أن تتجه العلاقات العربية الصينية إلى التحديث في العلاقات والإعتماد على الأسلوب الصيني في تنمية الدول العربية.
وذلك لأن التنمية عندنا في العالم العربي في العقود الأخيرة في تراجُع وقد سبق أن أقام العرب والصينيين لقاءاً من خلال القمة العربية الصينية عام 2022م وستنعقد القمة الثانية عام 2026م لتشكيل علاقة فارقة في تاريخ العلاقات العربية الصينية... ولا بد للدول العربية أن تستفيد من التجربة الصينية واستخدامها في تنمية الدول العربية بعد نجاحها في الصين.
س6) سوف تُعقد الدورة الثانية للقمة الصينية العربية في العام القادم في الصين، ما تطلعاتك إلى ذلك لدفع العلاقات الصينية العربية إلى مرحلة جديدة أعلى، في أي المجالات تتوقعون أن تتحسن العلاقات الصينية العربية بشكل أكبر؟
ج6) نعم بهذه المناسبة أقترح أن يُصار إلى انعقاد (حوار عربي صيني) أو ورشة (للعلاقات العربية الصينية) في العاصمة الصينية بكين.
وأتمنى إلى الإستفادة من المبادرة الصينية (مبادرة الحزام والطريق) أو ما يُعرف بـ (طريق الحرير الجديد) ومنها المُحافظة على البيئة باستخدام الطاقة البديلة النظيفة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح واستعمال السيارات الكهربائية ومضاعفة المسطحات الخضراء من أجل الوصول إلى عالم أقل انبعاثاً للكربون.
ونحن نتطلَّع بهذ المناسبة إلى تعزيز العلاقات العربية الصينية التي تعود إلى قرون طويلة أي منذ ما يُعرف بـ (طريقة الحرير القديم) في سبيل الإستفادة من العلاقات مع الصين في تعزيز الوحدة العربية وتعزيز السلام والإستقرار والإزدهار في العالم العربي وتعزيز التنمية والنهوض بالإقتصاد وتشغيل العاطلين عن العمل وتعزيز العلاقة بين الدول العربية باستخدام الأساليب الحديثة بما فيها الذكاء الصناعي.
... وقد جاءت رسالة الرئيس الصيني تشي جين بينغ لتهنئة العراق باستضافتها (الآن) مؤتمر القمة العربية الذي ينعقد الآن في بغداد... وذلك من أجل تعزيز وتقوية العلاقات بين الشعبين العربي والصيني.