يأتي رمضان هذا العام وقد زادت حالات الفقر والجوع والعوز وزادت أعداد العاطلين عن العمل والباحثين عن قوت يومهم في حين تحاول المؤسسات الحكومية المعنية والجمعيات الخيرية والمبادرات بشتى أنواعها تخفيف وطـأة الجوع التي خلفتها جائحة كورونا، ويحاول بعض ميسوري الحال وليس كلهم من المساهمة في سد رمق جائع، بالرغم من أن ذلك فرض على كل عين وخصوصا في هذه الأيام المباركة وقد تعانقت صيحات الجوعى والمعوزين وذوي الحاجة رافعين اكف الذراعة للمولى عز وجل أن يزيل الغمه ويرفع البلاء.....ولكن تبقى تلك الجهود الخيرة الطيبة متواضعة نوعا ما مع الأعداد الكبيرة جدا من أصحاب الحاجة هذا العام وتبقى المسؤولية الدينية والمعنوية والاجتماعية على كل مقتدر أن يبادر ويخرج زكاة ماله ويتصدق بفضل ماله الذي رزقه الله، ولو قام بذلك كل ميسوري الحال اجزم بانه لن يبقى أحدا فقير بين ظهرانينا ، ولقد ترتب على الحكومة بالإسلام تجاه فريضة الزكاة حكمان واجبان:
الأول: جباية أموال الزكاة من الأغنياء..
والثاني: رد أموال الزكاة إلى أصحابها (الأصناف الثمانية)، فحكم قيام السلطان بجباية الزكاة هو الوجوب، فقد فرض الله جبايتها في القرآن الكريم على ولي أمر المسلمين، ومن الأدلة على مسؤولية السلطان عن جباية الزكاة ما يلي: قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [سورة التوبة:103 وقوله -صلى الله عليه وسلم- حين بعث معاذًا -رضي الله عنه- إلى اليمن: (أخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (أخرجه البخاري ومسلم).وهذا يحتم على الدولة أن تجد في التشريعات ما ينفذ ذلك
الفقر عدو والجوع قاهر... والفقر من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق وأكثرها إيلاماً للعقل والضمير، وأخطرها تأثيراً على الأخلاق والسلوك، وتحطيماً للكرامات والنفوس... وقد قالها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، (لو كان الفقر رجلاً لقتلته)، ووجب على الجميع كل ضمن مسؤولياته وعلى رأسها الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تعنى بذلك أن تتحمل مسؤولياتها تجاه ذلك، وان تضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بالحد من ذلك، وان لا تعتمد فقط على الأعطيات والهبات للفقراء بل تبحث عن الحلول الجذرية: بدعم وإقامة المشاريع وتعديل التشريعات التي تتعلق بذلك وخصوصا ما يتعلق بالجمعيات الخيرية، وفتح باب الاستثمار، ونحن كأفراد يجب أن نحارب ثقافة العيب ونجد ونجتهد في البحث عن فرص العمل أينما كانت وان لا نكون عالة على المجتمع حيث يقول صلى الله عليه وسلم ( ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ)دمتم بخير...