إنَّهُ القرارُ الصعب أنْ يَعقِدَ الإنسانُ العزمَ على المسير قدماً في الحياة باتجاه معين محدد وتحقيقاً لغرض ما. أن يمضى الإنسان في طريقه يتطلب منه قراراً صعباً وقناعةً راسخة بحيث لا يجب أن تحيده عن الطريق كلُّ معقوقات الطريق وعراقيلها، وما أكثرها!
اختبار طريقاً للسير فيها يبقى من أصعب الأمور في الحياة، ولكنها قد تكون الفرصة الوحيدة للنجاة من موبئات علقت بحياتنا. ونسمع كثيراً عن أشخاص وقعوا مثلاً بفخ المخدرات أو المُسكرات أو التطرف وغيره لدرجة أنهم أصحبوا عبيداً لذواتهم وليسوا أسياداً عليها، يُقادون ولا يَقودون. وهذه هي مشكلة العالم اليوم المتسيّد المسيطر الذي يستهوي السيطرة والسيادة والتسلط وقيادة الآخرين قطعاناً تساقُ بعصى أسيادها دون المقدرة على التحرر من نير الإستعباد والعبودية وتحقيق الحرية.
وُلدنا لنكون أحراراً ولنعيش حياة الحرية التي أوجدها الله للبشرية جمعاء، فلا يجوز تجيير أو استوحاء أو استقراء أية نصوص تحلل المحرم وتحرّم المحلل. ومن أكثر النصوص التي تستخدم لذلك هي النصوص الدينية لما لها من صبغة خاصة في نفوس البشر.
وأما عن التسليم الكامل فهي لا تكون إلى لقيادة الله لحياتها فقط، لأنَّهُ الوحيد الذي لا يمضي إلا لما يُحقق حلمنا وسعادتنا وحريتنا ف- "طرق الرب رحمة لحافظي عهده وشهاداته". وهذا التسليم وهذا الاتباع قد يجّر علينا المتاعب والصعاب والتضحيات، لكنه يبقى الطريق الوحيد الذي يحقق سعادة النفس البشرية وخلاصها وعدالتها. فإذا لم نمضي إلى حيث لا يمضي الآخرون فكيف نعمل إذن على مساعدة البشرية من براثن الشّر والفساد؟ فإن لم نسير مع آلام الناس ولأجلهم ولتفهم جراحاتهم وآنّات قلوبهم فكيف نقدر أن نكون خير عون لهم وتحقيق العدالة.؟
إن القادة العظام هم الذي يمضون في طريق لا يسلكها في العادة الناس العاديون، فيصعدون جبالا وينزلون أودية ويجوبون صحارى وبراري لكي يقدموا أطباقَ الحاجة البشرية من عدالة ومساواة وسعادة.