شوارع خالية ومحلات مغلقة , مصانع أغلقت أبوابها , وسيارات مركونة على يمين الطريق لم تتحرك منذ أسابيع , هذا المشهد الحزين الكئيب في ظل الحجر الصحي الذي فرض على سكان الكوكب , بسبب جائحة كورونا , كورونا الوباء الذي فرض سيطرته على الأرض قاطبة, ولكن هذا قد عاد على الأرض بفوائد لم تكن بالحسبان.
حيث اكد باحثون في النظام البيئي , انه أثر إيجابيا على جودة الهواء في المدن التي كان نهارها ليلا بسبب الدخان المتصاعد منها , وأن هذا الانخفاض هو الأول من نوعه في نسبة الغازات السامة المنبعثة من الدول الصناعية المسببة للاحتباس الحراري , التي أدت الى انخفاض نسبة التلوث بما يقارب الثلث من كانون الثاني الى شباط , وفقا لبيانات من كلية الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ .
لم تقتصر الاثار الإيجابية على المناخ , بل شملت المياه أيضا , حيث شهدت الانهار في العديد من المدن الأوروبية نشاطا غير مسبوق للأسماك , وتحسن في نوعية المياه كما أتاح للحيوانات البرية التجول في الشوارع الخالية في العديد من المدن .
وليس هذا فقط بل شملت فوائده العلاقات الاجتماعية التي كنا قد نسيناها , بسبب مشاغل الحياة التي ابعدتنا عن أهلنا واحبابنا , فكورونا أعاد الحميمية للعلاقات الاسرية, وعدنا للمة حول المائدة , والاجتماع مساءا لمشاهدة نشرة الاخبار , واصبح الهم مشترك فبات الجار يطمئن على جاره , فهذه القيم لم تولد الان في ضل هذه الازمة , لكنها دفينة وكورونا أعاد احيائها فينا , فتبدلت نظرتنا للواقع الذي كنا نعيشه , وادركنا ان هنالك أمورا يجب ان نعطيها حيزا من حياتنا.
كورونا الوباء الضار النافع , الذي غير من شكل الحياة على كوكبنا , وأنعش الأرض بعد ان كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة , استطاع ان يعيد ترتيب حياتنا التي كنا قد نسينا الفتها ورونقها , وكما يقال في المثل الشعبي ( رب ضارة نافعة).