يشكل الانجاز هدفا تسعى اليه كل مسارات التنمية في المناحي المعرفية والاقتصادية والحياتية، ويقسم الانجاز
الى قسمين احدهما مباشر يقوم على انتاج حالة ملموسة واخر غير مباشر يقوم على ايجاد حاضنه ضمنية، وما بين
ما يمكن انتاجه ويمكن ايجاده من مناخات تتكون تلك المعادلة النسبية والتي تقيس معدلات الانجاز في الاتجاهين المباشر وغير مباشر وضمن معدلات قياس، يقاس معها مقدار التاثير المباشر بواقع حجم الاستثمارات المحلية والدولية ومدى انعكاسها على مستويات الناتج الوطني الاجمالي اضافة الى سهولة تقديم الخدمات، اما الايجادية او المناخية منها، فانها تقاس بمقدار انعكاس ذلك على المستوى المعيشي للمواطن وحالة الخدمات المقدمة وحجم المشاركة الشعبية في صناعة القرار اضافة الى مناخات الحرية.
ولان الانجاز يتكون من استراتيجيات عمل، تقوم على تجسيد الرؤية تجاه تكوين منتج او حالة، ليتولد معها
صورة ومضمون، لذا كان القياس حيث يكون المضمون والقياس الانطباعي حيث تكون الصورة، فيما تعتمد ادوات قياس المضمون على ميزان ذي كفتين يقاس من خلاله المنتج بينما كان ميزان قراءة الصورة وفق تيرمومتر في اتجاه واحد، ذلك لان حالة القياس في المضمون تستند الى نظام الاستثمار مقابل الارباح بينما يقوم الاخر الذي تشكله الصورة على نظام انطباعي يتوسع بتوسع دوائر التاثير ويقاس بحجم دوائر الاثر المكونة.
من هنا ياتي التباين بين الحقيقة والانطباع فان الانطباع الذي يعني الصورة الانطباعية الواصلة من زواية التقدير، ويقر في الاذهان عبر زواية النظر للصورة ومقدار الطاقة المبعوثة والحالة الكلية الواصلة، على ان يتم تصديقه بمشروعية قبول، اذا ما تكرر ذات المعنى وذات المضمون، لذا كان الانطباع يحقق دائما فائدة منفعة، وتجده يباع ويشترى كما في العلامات التجارية وغيرها من العلامات الفارقة.
بينما الحقيقة لا تحقق فائدة مباشرة لكنها تحقق فائدة ضمنية قيمية، هذا لانها قيمية والقيمة هنا ثابتة لا تتغير بتغيير زاوية النظرة او تتبدل بتبديل اتجاهات المعادلة او حتى مع مرور الزمن، لكن الانطباع اذا ما تم اقترانه بحقيقة كان الثبات في المعنى والمضمون ورسمت الصورة في الاذهان وتكونت تلك العلامة الفارقة التي تقدم الخبر عن المبتدا في منحى التاثير.
ولان الغالبية قد لا تحمل ثقافة الدخول في العمق الذي شكله الانطباع،لكن المعظم لديه الرغبة في قبول الانطباع، لذا كان الانطباع اكثر تاثيرا في توسيع دوائر الاثر في الاتجاه الافقي العام، بينما يتجه صناع القرار دائما للبحث عن الحقيقة الكامنة من وراء الانطباع لاتخاذ قرار، وان كان ليست كل حقيقة قادرة عن ان تخلق انطباعا فان الانطباع لا يصنعه سوى التاثير والاثر وقد لا يحمل حقيقة.
من هنا تندرج اهمية تكوين الانطباع والذي يعتبر اكثر فائدة من الحقيقة على المستوى الافقي الشعبي وفي ميزان التاثير وعلى المستوى التجاري على صعيد التسويق كما في الجانب السياسي حيث قوة التمكين، ان كان ذلك عبر مصداقية التاثير او جانب الانتخابات وصناديق الاقتراع او تطلب الامر اتباع نظريات جديدة في التسويق، فان الانطباع هنا يمكنه تشكيله ضمن حالة اذا ما احسن تقديمه وتسويقه باعتباره يشكل علامة فارقة من دون مضمون حقيقي او تصديره على هيئة وعود كما في المشاريع المراد انشاؤها، كما ان الانطباع وحده قادر على رسم صورة انطباعية تسهم في توليد انجاز، فان الانجاز مهما كان حقيقيا دونما انطباع مقرون سيبقى يحمل قيمة ثابتة غير قابل للهضم او التصريف، وهذا ما يجعل من الانطباع يحتوي على اهمية اكثر من الحقيقة في الحياة العامة، وهذا ما جاء في كتاب شرعية الانجاز والحياة السياسية.