إن التكيّف مع واقع وطبيعة الحياة الجديدة في ظلّ تخفيف أو رفع إجراءات الحظر ، يتطلب منّا التعامل بواقعية مع المعطيات التي أحدثتها هذه الجائحة ، والتي ساهمت في تأسيس ثقافة جديدة شكلت العديد من السلوكيات التي تحدّت ما كان مقدسّاً اجتماعياً من عادات وتقاليد كانت تسطو على فكر العديد من الشرائح الاجتماعية ، على اختلاف مستوياتها الماديّة ، فلا يمكن إنكار كُلَف الزواج المرتفعة التي لم ترحم الكثير من شبابنا ، وساهمت بشكل أو بآخر بتحمّل البعض منهم نفقات أثّرت على مستوى حياتهم المعيشية لسنوات ، مما جعلهم تحت وطأة الديون ، التي أضعفت مؤسسة الزوجية قبل أن تبدأ ، كما ساهمت في تأجيل البعض أو حتى عزوفه عن الزواج ، لقناعته بضيق ذات اليد أمام الأرقام الفلكيّة للمهور والتكاليف المرافقة لحفل الزفاف ، والتي لن يساعده دخله على مداناتها بأي حال ، في الوقت الذي أجبرت فيه ظروف إجراءات الحظر بعض الأزواج على إتمام مراسم الزفاف في أضيق الحدود ، مختصرة بذلك كثيرا من التكاليف الثانوية وغير المنطقية ، وعلى الطرف المقابل لم تكن بيوت العزاء بمنأى عن احاطتها بالكثير من مظاهر الإنفاق ، والتي كانت تصل إلى حدّ إجبار البعض على الاقتراض لغايات تحقيق القبول والتقدير في العُرف الجمعيّ ، فنحن في السرّاء والضرّاء محاصرون بكُلَف ترفٍ ظاهريّ فرضتها الأعراف الاجتماعية ، وإنّ التحلّي بالقليل من الموضوعية يدفعنا إلى المزيد من التوقع والتحفز دون خوف أو حساب لآراء الآخرين التي قد لا تخدم أهدافنا أو تحقق غاياتنا أو تقدّر ظروفنا ، وكما قال جبران خليل جبران : " باطلة هي الاعتقادات والتعاليم التي تجعل الإنسان تعساً في حياته ، وكذّابة هي العواطف التي تقوده إلى اليأس والحزن والشقاء ، لأنّ واجب الإنسان أن يكون سعيداُ وأن يعلم سبل السعادة ويهدي الناس إليها أينما كان " .