ودّعت العاصمة الأردنية عمّان قبل أيام قامة تربوية وأحد رموز التعليم البارزين، برحيل المربي الفاضل الأستاذ عبد الحميد أبو السندس، الذي أفنى عمره في خدمة ميادين التربية والتعليم، وسَطَّر مسيرة زاخرة بالعطاء والتأثير، داخل الأردن وخارجها، لا سيما في المملكة العربية السعودية.
بدأ الفقيد مسيرته التعليمية في عام 1387هـ / 1968م، متنقلًا بين عدد من مدن المملكة العربية السعودية مثل القنفذة، وزهران، وغامد، وقلوة، وبللسمر، والرياض، ومكة المكرمة، حيث كان من أوائل من حملوا رسالة التعليم هناك، وأسهم في تأسيس بيئة تعليمية راقية ونشر القيم التربوية السامية.
لم يكن أستاذ عبد الحميد أبو السندس مجرد معلم، بل كان مربيًا من الطراز الرفيع، خلّد اسمه في ذاكرة الآلاف من طلابه، الذين تربوا على يديه وتشربوا من علمه وقيمه، وتقلد كثير منهم مناصب قيادية ومواقع مؤثرة في خدمة الدين والوطن.
وقد عُرف الفقيد بإخلاصه الشديد، وانضباطه المهني، وحرصه الدائم على تطوير أساليب التعليم والارتقاء بالبيئة المدرسية. كما تميّز بعلاقته الحانية مع طلابه، مشجعًا إياهم على التميز، ومحفزًا لقدراتهم ومواهبهم.
وكانت بصمته المجتمعية واضحة، حيث لم يقتصر عطاؤه على المؤسسات التعليمية، بل شارك بفاعلية في البرامج المجتمعية والأنشطة التطوعية، وكان وجهًا بارزًا في الجاهات والإصلاح العشائري، وممثلاً حكيمًا لعشيرة القيسي عامة، وأبناء آل أبو السندس خاصة. وتميّز ببلاغته وفصاحته في الحديث والمواقف الاجتماعية.
نال خلال مسيرته درجة البكالوريوس والماجستير، وحصل على العديد من شهادات التقدير والتكريمات في مختلف المحافل العربية، تقديرًا لجهوده وإسهاماته القيّمة في قطاع التعليم والمجتمع.
والد المهندس هيثم، مدير شركة كوارتز الدولية للإعلام والتدريب، ترك إرثًا من القيم والإنجازات، وسيرةً تبقى حية في وجدان من عرفوه وعملوا معه وتعلموا على يديه.
رحم الله الأستاذ عبد الحميد أبو السندس، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خير الجزاء على ما قدّم… فالعظماء لا يرحلون، بل تبقى ذكراهم حيّة تُنير الطريق لمن بعدهم.