بدلة والدي، عليه رحمة الله، لم تكن مجرد قماش يُرتدى أو زيٍّ رسمي يُعلَّق في الخزانة، بل كانت تاريخاً مكتوباً بخيوط الشرف، وذاكرةً متقدة بالبطولة، ورمزاً عابقاً بالعز والفخر والانتماء.
في طياتها تختبئ أربعون عاماً من الجهد والعرق والعطاء، سنين طويلة من الوقوف في ساحات الواجب، من التعب الممزوج بالوفاء، ومن السهر الذي كان عنوانه الإخلاص للوطن والراية والملك. ما زالت تحمل عبق عطره، وصدى خطواته في الميدان، وكأنها تنبض بالحياة كلما لامستها يداي.
ليست مجرد زيٍّ رسمي، بل قصة رجلٍ عاش شامخاً كالجبال، لا ينحني إلا لله، وترك خلفه إرثاً من الكبرياء والكرامة والاعتزاز. بدلة والدي هي مدرسة للقيم، ومرآة لروح رجلٍ لم يعرف إلا الوفاء، فغدت شاهدة على مجدٍ خالد، وسيرةٍ عطرة باقية لا يمحوها الزمن.
سلام عليك يا والدي، يوم ولدت، ويوم رحلت، ويوم تبعث حياً. وسلام على بدلتك التي ستظل شاهداً على حبك وولائك وعظيم عطائك. سيبقى أثرك محفوراً في ذاكرتي وذاكرة كل من عرفك، وستبقى قدوتي التي أقتدي بها في حياتي ومسيرتي.
اللهم اجعل عمله في ميزان حسناته، وارفع درجاته في عليين، واجمعنا به في جنات النعيم.