يقف الأردن اليوم على مفترق طرق حاسم ، محاطًا بتحديات اقتصادية وسياسية وإقليمية متعددة ، تتقاطع فيها الضغوط المحلية مع التغيرات في محيطه العربي والدولي . هذا البلد الصامد في قلب الشرق الأوسط ليس مجرد متفرج على الأحداث، بل قوة فاعلة وصمام أمان في منطقة مضطربة، نموذجًا يُحتذى به في التوازن بين الصمود والتقدم، وبين الأمن والاستقرار. وما يقدمه الأردن من مشاريع وتنمية ليس رياءً أو دعاية، بل جهود حقيقية ملموسة على الأرض، تعكس وعي القيادة وحكمة الشعب الأردني.
المواطن الأردني يواجه تحديات اقتصادية كبيرة، من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى ضغط الخدمات وضرورة إيجاد فرص عمل حقيقية. التحديث الاقتصادي بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين يشكل إطارًا متكاملًا لمواجهة هذه التحديات. المشاريع الكبرى من تطوير البنية التحتية إلى تعزيز الصناعات المحلية وتحسين قطاع الخدمات تهدف إلى خلق استقرار اقتصادي طويل المدى وتحقيق نمو مستدام. أرقام الربع الأول من عام 2025 تعكس بعض النجاح في مواجهة هذه التحديات، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وانخفض التضخم السنوي إلى 1.3٪ في أغسطس، مما يعكس جهود ضبط الأسعار. الصناعات التحويلية سجلت نموًا بنحو 3.2٪، بينما توسع قطاع الخدمات بنسبة 2.5٪، مع تركيز خاص على التجارة والاتصالات والسياحة الداخلية. أما سوق العمل، فقد ارتفعت فرص التوظيف الجديدة في القطاعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 1.8٪، مدعومة بمبادرات الدولة لتشجيع ريادة الأعمال ودعم الشباب. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل دليل على الصمود والمثابرة في وجه الضغوط الاقتصادية اليومية. ومع ذلك، تبقى المشاريع الاقتصادية الكبرى بحاجة إلى وقت وصبر ومثابرة لتظهر نتائجها بشكل كامل، حيث كل محطة طاقة، كل شبكة مياه، وكل دعم للصناعات الصغيرة والمتوسطة يمثل حجر أساس لمستقبل مستقر.
الأردن يواجه تحديات سياسية داخلية وخارجية معقدة. داخليًا، يتطلب الاستقرار تعزيز الإصلاحات الدستورية، الشفافية، الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد لضمان قدرة الدولة على إدارة الأزمات بفعالية. القيادة الأردنية بقيادة جلالة الملك وسمو ولي العهد تعمل على تحقيق التوازن بين مصالح الدولة وحقوق المواطن، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ودعم مشاركة الشباب في الحياة السياسية، بما يرسخ أسس الاستقرار ويقوي الثقة بين الحكومة والشعب. خارجيًا، يسعى الأردن لحماية مصالحه الوطنية من خلال دبلوماسية نشطة وتحالفات ذكية، والمساهمة في حل النزاعات الإقليمية بما يضمن استقرار المنطقة ويحفظ أمن الأردن واستقراره. القيادة الحكيمة تنسق بين المصالح الداخلية والخارجية لتوفير بيئة مستقرة تدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتحد من تأثير أي أزمات خارجية على الحياة اليومية للمواطن.
مع استمرار التوترات الإقليمية، يقود جلالة الملك عبد الله الثاني جهود الدولة الشاملة للحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني، حيث يتم تعزيز جاهزية القوات المسلحة الأردنية الباسلة، زيادة العتاد، تحسين التدريب، وتطوير التقنيات الدفاعية. هذه الإجراءات تأتي لتأمين الحدود وحماية الوطن وضمان قدرة الدولة على مواجهة أي تهديد محتمل. كما يعكس التنسيق بين الجيش والأجهزة الأمنية حرص جلالة الملك على تعزيز الاستقرار الداخلي، وتأكيد قدرة الدولة على مواجهة التحديات الإقليمية بكفاءة وحكمة، بما يحمي مصالح الوطن والمواطن ويضمن استمرار التنمية والأمن على حد سواء.
إقليميًا، يبرز الأردن كركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي. موقف الأردن الداعم للقضية الفلسطينية، وتقديمه المبادرات الدبلوماسية لخفض التصعيد بين القوى الإقليمية، يعكس دوره كلاعب مؤثر في السياسة الإقليمية. التنسيق المستمر مع دول الجوار يضمن حماية مصالح الأردن، ويعزز من قدرته على المشاركة في حلول عملية للأزمات. الأردن اليوم هو بوابة استقرار حقيقية في قلب المنطقة، يجمع بين الدبلوماسية والقدرة العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
على الصعيد الدولي، يثبت الأردن نفسه كلاعب مسؤول وفاعل في المحافل العالمية، من خلال دعم القرارات المتعلقة بالأمن الإقليمي، والمشاركة في الجهود الدولية لتأمين الموارد وتعزيز الشراكات الاقتصادية مع آسيا وأوروبا. الأردن اليوم ليس مجرد دولة صغيرة تحاول الصمود، بل قوة اقتصادية وسياسية واستراتيجية في قلب الشرق الأوسط، قادرة على التأثير في القرارات الإقليمية والدولية.
في هذه اللحظة التاريخية، يظهر الأردن نموذجًا متكاملاً للصمود في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والإقليمية. القيادة الحكيمة، صبر المواطن، ووعي الشباب، كلها عوامل تجعل من التحديات فرصة للتقدم، ومن الضغوط قوة تدفع الدولة نحو الإصلاح والنمو المستدام. المشاريع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ليست مجرد خطط على الورق، بل جهود ملموسة تحتاج وقتًا وصبرًا لتظهر نتائجها على الأرض، وتعود بالنفع المباشر على حياة المواطنين ومستقبل الدولة.
الأردن اليوم يرفع صوته للعالم بكل ثقة وعزم: لن تنهار عزيمتنا، ولن تتزعزع إرادتنا، وسنحوّل كل تحدٍ إلى فرصة، وكل أزمة إلى إنجاز. هذا الوطن سيبقى منارة للصمود والأمل، حيث تتحول الصعوبات إلى قوة، والتحديات إلى إنجازات، لنكتب معًا فصلًا جديدًا في تاريخ الأردن المجيد، ويظل شعاره دائمًا: الأمن، الاستقرار، والكرامة الوطنية فوق كل اعتبار.