اليوم، ونحن نشهد الكيان الصهيوني الغاصب يمدّ أذرعه الملطخة بالدماء ليطال قطر بعد أن أشبع غزة قصفًا، وحاول أن يعبث بالضفة الغربية، ويزرع الفوضى في لبنان وسوريا واليمن، يخرج صوت الأردن عاليًا، صلبًا، شامخًا، ليقول للعالم كله: المساس بقطر هو مساس بالأردن، وأمن الدوحة هو من صميم أمن عمّان. وقد أعلنها جلالة الملك عبد الله الثاني صريحة مدوية: "أمن قطر من أمن الأردن"، ليكتب بوضوح معادلة جديدة في تاريخ الأمة، معادلة الردع والسيادة والكرامة.
إنها ليست مجرد عبارة بروتوكولية، بل رسالة إلى العالم أجمع، أن الأردن لا يتخلى عن أشقائه، وأن الدم العربي ليس سلعة للمساومة، وأن قطر والأردن يتقاسمان المصير كما يتقاسمان الموقف. هذا التحالف الأخوي ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الثقة والتضامن، تحالفٌ يعرف العدو جيدًا أنه سيبقى شوكة في حلقه، وعقبة أمام أطماعه.
لقد ظنّ الكيان الجبان أن استهدافه لقطر قد يمرّ كما مرت جرائمه السابقة بحق غزة وأهلها، وبحق الضفة وأرضها، وبحق لبنان وسوريا واليمن. لكنه فوجئ بردّ صاعق: كل تغوّل على قطر يزيد الأردن صلابة، وكل اعتداء على الأردن يجعل قطر أكثر قوة. هذه هي المعادلة الجديدة التي لم يحسب لها الصهاينة حسابًا، معادلة الدم الواحد، والمصير الواحد، والراية الواحدة.
الأردن وقطر اليوم يتكاملان في المواقف والسياسات والاستراتيجيات: كلاهما يدعم فلسطين بلا مساومة، كلاهما يرفض مشاريع التهجير التي يحاول الاحتلال فرضها، وكلاهما يتصدى للغطرسة الإسرائيلية التي لم تجلب لهذه المنطقة سوى الدمار والمجازر. وقد أكد جلالة الملك أكثر من مرة أن القضية الفلسطينية خط أحمر، وأن الأردن لن يسمح بتصفيتها أو تمريرها على حساب شعبه أو على حساب أي دولة عربية. وفي الوقت ذاته، ترفع قطر صوتها عاليًا في المحافل الدولية، داعمةً غزة بكل الوسائل، وواقفة بكرامة لا تلين أمام الضغوط.
وفي وقت سابق، دوّى من عمّان صوت ولي العهد الأمير الحسين، صارخًا بلسان الشباب العربي الثائر: "الصمت على المجازر غير مقبول، لقد خذلتم الفلسطينيين". كلمات لم تكن مجرد خطاب عاطفي، بل كانت رسالة سياسية مدوية، عرّت ازدواجية العالم، وأربكت العدو، وأكدت أن الأردن وقطر يقودان معركة الوعي العربي ضد التخاذل الدولي. هذه الصرخة لم تكن موجهة فقط لحماية فلسطين، بل لحماية كل الأمة، ولقطع الطريق على كل من يظن أن الأردن أو قطر قد يقبلان بمساومات رخيصة.
وما زاد من قلق الصهاينة إعلان سمو ولي العهد عن مشروع خدمة العلم، الذي يعيد صياغة وعي الشباب الأردني ويهيئهم ليكونوا الجدار الصلب في وجه التحديات القادمة. هذا الإعلان لم يكن قرارًا داخليًا فقط، بل كان رسالة للعالم أن الأردن يستعد، وأن الأجيال الجديدة جاهزة لحمل الراية، وأن قطر تقف إلى جانبه في ذات الخندق، ضمن رؤية واحدة، ومصير واحد.
أما الوزير الصفدي، فقد لخّص ببلاغة الموقف الأردني حين قال: "لا يريدون القدوم إلى الأردن، ونحن لا نريد أن يأتوا إلى الأردن". كلمات تحمل معنى أعمق من مجرد تصريح سياسي، فهي تأكيد على أن الأردن لن يسمح بأن يكون ساحة لتصفية الحسابات أو ملاذًا لمشاريع الاحتلال الملتوية. وهو ذات الموقف الذي تتبناه قطر، الرافضة لأي تطبيع مجاني أو أي تنازل عن الثوابت.
إن الأردن وقطر اليوم لا يمثلان نفسيهما فقط، بل يمثلان ضمير الأمة، وصوت الشعوب التي ضاقت ذرعًا من جبن الصهاينة وتخاذل العالم. إنهما يرفعان راية الكرامة العربية، ويثبتان أن التحالف العربي الحقيقي ليس شعارات، بل مواقف عملية وسياسات صلبة.
أيها الغاصبون، إنكم أوهى من خيوط العنكبوت. لن تنجحوا في قطر، ولن تكسروا الأردن، ولن تُسقطوا فلسطين. وما أعلنه الملك والولي والصفدي هو عهد على الأمة: لن تمر مؤامراتكم، ولن تُكسر إرادتنا، ولن تتراجع عزيمتنا.
فلتسمعوها مرة أخرى، وبأعلى صوت: الأردن وقطر واحد، أمنهما واحد، مصيرهما واحد، ورايتهما ستظل خفاقة في وجه جبنكم حتى يسقط كيانكم الغاصب، وإن غدًا لناظره قريب.