في زمنٍ تتكالب فيه الأزمات على الأمة وتتكاثر الجراح على جسدها الواحد تُثبت المواقف الصادقة بأنها لا تحتاج إلى ضجيج ولا إلى شعارات منمقة بل يكفي أن ينهض الشقيق حين يُصاب شقيقه وأن يعلو الصوت الحر حين يسقط حقٌ أو تُنتهك سيادة. وهكذا كان الأردن قيادة وشعبًا في وقفته الأصيلة إلى جانب دولة قطر الشقيقة بعد الاعتداء الغاشم الذي تعرضت له من قبل الكيان الصهيوني الغاشم
لم تكن كلمات جلالة الملك عبد الله الثاني مجرّد إدانة دبلوماسية بل جاءت امتدادًا لتاريخ طويل من المواقف النبيلة حيث عبّر بوضوح عن رفض الأردن المطلق لأي عدوان على قطر مؤكدًا أن الاعتداء على أمن أي دولة عربية هو اعتداء على الأردن وأن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في وجه الظلم والتغوّل.
أما سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني فحمل الرسالة ذاتها بروح الشباب العربي الطامح للعدالة مؤكدًا أن الأردن سيظل في خندق واحد مع أشقائه وأن السيادة القطرية ليست خطًا أحمر فحسب بل جدارًا أخويًا نحتمي به جميعًا.
أما الشعب الأردني فكما هو عهده دائمًا كان في مقدمة الصفوف لا يحركه ضجيج الإعلام بل حرارة القلب ونُبل الموقف. فروح الأخوة متجذرة في نفوس هذا الشعب اتجاه قضايا الأمة فالمعركة واحدة والعدو واحد وإن اختلفت الجغرافيا.
هذا التضامن الأردني مع قطر ليس وليد لحظة طارئة بل هو انعكاس لتاريخ من المروءة القومية التي يسطرها الهاشميون. فإن موقف الأردن الثابت الذي لطالما اعتبر أن الأمن العربي كلٌّ لا يتجزأ فلم يتأخر يومًا عن نصرة قضايا أمته
إن ما حدث في قطر ليس حادثة معزولة بل هو جرس إنذار جديد يدق في آذان الضمير العربي كما يدعو جلالته دائما إلى إعادة ترتيب أولوياتنا وإعادة صياغة موقفنا الجماعي في وجه دولة لم تتوقف يومًا عن العبث بأمن الشعوب وخرق القوانين الدولية.
فإن وقوف الأردن إلى جانب قطر في هذه اللحظة هو شهادة جديدة على أن القيم لا تموت وأن العلاقات العربية يمكنها أن تظل نقيّة إذا ما ظل فيها صوت واحد يقول: "نحن معكم لا لأن السياسة تقتضي ذلك
بل لأن الأخوّة تفرضه.
وفي النهاية حين يُعتدى على قطر فإن الرد لا يأتي فقط من الدوحة بل من عمّان ومن ومن قيادته الهاشمية التي ما زالت تؤمن أن كرامة الأمة لا تتجزأ وأنه لا سبيل إلا في وحدتنا وسيظل هذا البلد وفيا لأمته تهتز في قلوب شعبه نخوة الرجال.