في واحدة من أندر القصص الإنسانية في الأردن، ودّعت عشيرة العبداللات يوم الجمعة الماضي إثنين من أبنائها، السيدة فلحة سالم العبداللات ونجلها رائد علي توفيق العبداللات، بعد أن انتقلا إلى الرفيق الأعلى في يوم واحد، ليُدفنا جنبًا إلى جنب، في قبرٍ واحد، كما عاشا جنبًا إلى جنب في الحياة.
رحيل بصمت.. ونهاية بحجم الحب
صباح يوم الخميس، فارقت الأم الحياة بهدوء داخل منزلها في منطقة ماركا بالعاصمة عمّان. لم تمضِ ساعات قليلة حتى عُثر على نجلها رائد، وقد أسلم الروح وهو نائم على فراشه، مقابل سرير والدته، دون أن يعلم برحيلها، وكأن قلبه رفض أن ينبض دونها.
الأطباء أكدوا أن رائد، البالغ من العمر 47 عامًا، توفي نتيجة احتشاء حاد في عضلة القلب، في مشهد يُعبر عن قمة التعلق والوفاء والارتباط العاطفي العميق بين الأم وابنها.
قبر واحد.. ورغبة تحققت بعد الرحيل
أوصى رائد، في حياته، من حوله أن يُدفن إلى جانب والدته إذا ما وافته المنية، وقد تحققت هذه الرغبة النادرة والمؤثرة بعد ساعات من وفاتها. فتم دفنهما في قبرٍ واحد داخل مقبرة العبداللات، ليكونا معًا في الحياة والممات.
مشهد التشييع كان مهيبًا وصامتًا، شارك فيه جمع غفير من الأهل والأصدقاء وسكان المنطقة، ممن عرفوا الفقيدين عن قرب، فكان الوداع مختلطًا بالدموع والدعوات والذهول.
رائد.. ابن بار رفض الزواج لأجل والدَيه
رائد لم يكن شابًا عاديًا، بل كان نموذجًا نادرًا في البر والعطاء، لم يتزوج رغم تقدمه في السن، مفضلاً التفرغ لرعاية والديه، خصوصًا والدته التي كان ملازمًا لها في أدق تفاصيل حياتها.
"لم يُعرف عنه إلا الخير، دائم الابتسامة، يحرص على صلة الرحم، يتجنب الغيبة، ويعيش ببساطة وصفاء"، هكذا نعاه أحد أقربائه في جنازته.
وداع أبكى القلوب
قد لا تتكرر مثل هذه القصص كثيرًا، لكنها تبقى شاهدة على أرقى معاني الحب والبر والوفاء. أن يرحل الابن في اليوم نفسه الذي ترحل فيه والدته، وأن يُدفن بجوارها كما تمنى، هي نهاية لا يكتبها إلا من رزقه الله قلبًا نقيًا وصادقًا.
هل يجوز دفن الأم والأبن بنفس القبر
في هذا الشأن قال المفتي الدكتور محمد الغول، إن الأولى في الدفن، أن يدفن كل متوفى بقبر خاص لوحده.
وأضاف لـ "الحقيقة الدولية"، أنه يجوز الجمع بين الأم والأبن بنفس القبر، للضرورة، في حال كانت المقبرة ضيقة وممتلئة ولا مجال لحفر قبر جديد. الحقيقة .