لا يمكن وضع تصريحات نتن ياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني الغاصب المحتل حول طموحاته التوسيعية بضم اجزاء من دول الطوق للجغرافيا الفلسطينية الا في سياق اعلان التهديدات الواضحة و الصريحة ضد الدولة الأردنية و المصرية معا ، تصريحات ترتقي إلى إعلان توصيات لتنفيذ نوايا خرق العهود و الاتفاقيات الموقعة مسبقا ، بل دليل أن اليمين الاسرائيلي السياسي قد تجاوز مرحلة الخرق ، و ضرب جميع البرتوكلات الديبلوماسية و المواثيق الدولية عرض الحائط ، مما يعني قرع طبول الحرب ، و رفع حرارة المنطقة و وضعها على صفيح ساخن ، بدلا من قرع أجراس السلام فيها ، الذي أضاع طريقه ذلك اليمين المتطرف ، مما قد يؤجج الانفجار و زيادة مستوى التطرف و الإرهاب على كافة الجبهات.
هنا لم يعد الصراع مع الكيان الصهيوني مجرد مواجهة عسكرية أو سياسية، بل تعداه الأمر في الاصطدام و الحدية إلى مستوى يرتقي إلى وصف بأنه معركة وجودية تمس جوهر الهوية الأردنية و الفلسطينية والجوار.
هذا الكيان الإحلالي، بوظيفته الاستعمارية، يدرك أن بقاء الفلسطيني على أرضه يمثل أكبر تهديد لمشروعه، لذلك يسعى في كل جولة من هذا الصراع على على استهداف وجود الإنسان الفلسطيني بالتركيز على ركيزتين أساسيتين هما : الديمغرافيا والجغرافيا.
جزار الحكومة اليمنية المتطرفة في تصريحاته الأخيرة ، يستند على نصوص تلمودية محرفة ، ليعلن عن حدود ما يسمى ( اسرائيل الكبرى ) ، و هو يعلم في ما لا يدعو للشك و قليل من اليقين أنها ما هي الا فزاعة يمسك بها بقفازه اليمين ، تاركا قفازه اليسار الاخر ينتظر ، لحظة تحريك المسار التفاوضي ، مسار مراد له أن يكون خالي من الحوار ، فقط فرض و التوقيع على تسوية لها أبعادها ،اهدافها ، سقوفها ، تحكمها الظروف الميدانية ، تمكنه من كسب مزيد من الوقت و مساحة أكبر في المناورة لغاية طرح بنود قد تكون واقعية و موضوعية أكثر لكن ، أقل بكثير من طموحات تصريحه الاخير .
تصريحات ياهو غير جديدة لكن توقيت تجديدها له أهدافه منها:
-زيادة شعبيته داخل الأوساط اليمينية الدينية مما يعني إطالة أمد مسيرته السياسية
الشخصية، فعليا هو يعيش حالة اجهاد سياسي و عسكري تتطلب منه توظيف مهاراته و خبراته لذلك.
ـ تحقيق مصالح مشتركة تتقاطع مع مصالح القوى الكبرى الداعمة له على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، التي تتجسد في إعادة رسم خريطة المنطقة الجيوسياسية باستخدام أدوات متعددة تتراوح بين العسكرة و المفاوضات السياسية لتلبي شروط الهيمنة و السيطرة في بسط نفوذها على دول المنطقة العربية المستهدفة و استغلال ثرواتها من جهة ، من جهة أخرى إقرار حل للبنود العالقة داخل ملف القضية الفلسطينية بما يخص الديمغرافيا( اللاجئين وحق العودة) و الجغرافيا ( ترسيم الحدود ) ، حتى لو على حساب الدول الأخرى و هذا ما يرفضه الاردن ومصر و يدفعوا ثمن ذلك اليوم مزيدا من الضغوطات الاقتصادية و السياسية و الإعلامية عليهم.
المجازر الوحشية التي يرتكبها ذلك الكيان العنصري الأحلالي ، في الضفة و قطاع غزة ،صارت عروضا حية ، مادة دسمة لبعض محطات التلفزة العربية و العالمية الاخبارية ، جلوكوز لتغذية قوامها الإعلامي الرشيق ،يحول دون انهيار مواصلة بث برامجها البومية و العودة إلى نشراتها الاعتيادية.
محطات إخبارية تحافظ على بريق شاشتها ، تروي قصص جمع بضع أشلاء هنا ، أو جوع هناك ، ثم تتبعه باستضافة مسؤول أممي ، أو محلل عسكري كل ما يملكه الشجب و الاستنكار ، اول همه المدفوع نظير مهمته ، حيث لم تكن منصات وعي و انتصار للدفاع عن حقوق المظلوم بل ، ساوت في الكثير من الاحيان بين الجلاد و الضحية .
السؤال للمجتمع الدولي ، هل مازال هناك أشكال للاستعمار الإمبريالي في يومنا هذا ، من القرن الواحد والعشرين يمارس القتل و التهجير بهذه الدرجة من الوحشية اللإنسانية ؟
المؤكد ان الإجابة من متعدد ستكون بالإشارة موجهة بالاصبع مباشرة إلى كيان صهيوني عنصري ، يدعى اسرائيل ، يعتلي صدارة نماذج المستعمر المحتل ، بنسخة فريدة واحدة ، لا شبيه لها ، تدعمه قوى لا تعير للقيم الأخلاقية ، تتغاضى عن استهدافه للإنسان و المكان، تدمير الجغرافيا و تفريغ الديمغرافيا، تطارده قائمة مجازر طويلة ذات السمعة السيئة ارتكبها في الماضي منها :الطنطورة ، الدوايمة ، اللد و الرملة ، دير ياسين ، كفر قاسم ، صبرا و شاتيلا ، قانا .
قوى رغم تقدمها التكنولوجي و العسكري والرصيد الديمقراطي و حقوق الإنسان كما تدعي ، وقفت عاجزة عن منع كيان وظيفي اسرائيلي أن يظهر خوفه و ارتعاشه أمام نعش جنازة شيرين ابو عاقلة الصحافية الانسانه التي ارتقت مع الشهداء الاحياء، بعد إعدامها بدم بارد ، اختار قاتلها أن يخترق رأسها برصاصة ليغتال فكرها و يكتم صوتها قبل استهداف جسدها ، و معها سلسلة من الصحفيين و الكتاب و الرسامين المثقفين الفلسطينيين الذين اوجع صوت حناجرهم و حبر أقلامهم ، ذلك الكيان ، و اقض مضجعه ، و فضح صورته الهمجية في اضطهاد شعب فلسطيني أعزل على مدار أكثر من 78 عام ، و أسقط عنه قناع الديمقراطية و مدنية الدولة و ثقافة الحضارة الإنسانية ، ليسوؤا عوراته و يسقطوا الغطاء عنه ، ليكشفوا هويته الحقيقية، ليتبين أنه كيان ، ماهو سوى ثكنة عسكرية أحاطت نفسها بجدار عازل اسمنتي و اخر وهمي يتكدس سكانه داخل شريط بحري من أعلى نقطة في الناقورة حتى أقصى صحراء النقب ، مرتجف يخشى تجاوزها ، فكيف له اليوم التهديد بالاعلان صراحة عن اطماع التمدد و التعدي على سيادة دول الجوار للاستيلاء عليها ، خانته ذاكرته اللحظية العابرة ، بأنها دول و اوطان لها شعوب ينبض قلبها بالوفاء و الفداء لترابها ، داخل جسد بروح لا تموت الا اذا فارقت أجسادها.
كيان يستهدفنا و يمرر مخططاته لا بجبروته أو قوته ، إنما لضعفنا و غباء القوى السياسية العربية المنقسمة ، التي تجتهد في الصراع على تفرقة و تقسيم هذه الأمة لمكتسباتها الضيقة ، لكن كلنا على يقين ، أن هناك ذات يوم سيبحث فيه ذالك المحتل عن مكان آخر ليرحل أو التفاوض على إمكانية البقاء في الجوار ، مقيم أو عابر طريق ، بعد أن تنتهي وظيفته لدى الدول الداعمة له .
على هذه الأرض ما يستحق الحياة فيها جذور أجدادنا و بذور ابائنا ، نولد عليها نموت فيها و نبعث منها، صعبا على أمثاله اقتلاعنا منها .
الإعلام العربي اليوم مطالب بتوحيد جهوده أقلاما ، صوتا وصورة ، و توجيه بوصلتها نحو جبهة و جهة واحدة، إلى كيان اسرائيلي عنصري يميني استيطاني احلالي ، لم يعد طرفا قابلا للحوار و الشراكة لأجل السلام ، هو عدو للأمة العربية و الإنسانية جمعاء .
اعلام عليه إعادة ضبط اعدادات ماكينته للدفاع عن أمته و قضاياها العادلة ، بدلا من قيام البعض بزرع خناجر صفحاته المأجورة في ظهر أمته و دولها ،خاصة تلك الداعمة ، لصمود شعبنا الفلسطيني فوق ترابه التاريخي و هو يقود معركته الوجودية ضد كيان ابرتهايد اسرائيلي ، يستهدف انتهاك حرمة الجوار و تهديد حدوده ، لكن ليفعل أن استطاع ، نحن هنا ، لا نملك إلا دمنا و لحمنا و رحمنا ، نبذله و ندفعه ثمنا دفاعا عن أوطاننا ،هو لا يملك دفع تكاليفه ، نتشبث بحقنا في النضال و الصمود و التصدي على طريق تحرير الأرض و الإنسان لدحر ذلك الكيان.