في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، باتت الحروب تأخذ أشكالًا جديدة لا تعتمد على الدبابات ولا الصواريخ، بل على أدوات أكثر خفاءً وخطورةً. الحرب اليوم نفسية قبل أن تكون قتالية، تستهدف العقل قبل الأرض، وتركز على زعزعة الثقة بين الشعوب وقياداتها، تمهيدًا لإسقاط الأوطان من الداخل.
الحرب النفسية ليست مجرد نظريات، بل واقع نعيشه، إذ تعتمد على نشر الإشاعات، وتضخيم الأخبار، وتزييف الحقائق، والتشكيك بكل ما هو ثابت، بهدف تآكل العلاقة بين المواطن والدولة.
إنها حرب خبيثة تُخاض بلا جيوش نظامية، ولكنها تترك آثارًا لا تقل تدميرًا عن الحروب التقليدية.
الهدف الأعمق من هذه الحرب هو تفكيك النسيج الوطني وزرع بذور الشك في كل زاوية، لتنهار قوة التحمل في نفوس الناس، ويصبحوا أدوات لهدم وطنهم بأيديهم، نتيجة تفكير مشوش وعقلية مضللة.
وهنا لا بد أن نتذكر أن هذا الوطن الطاهر لم يشهد زورًا يومًا، لكنه ابتُلي بمن شهدوا عليه زورًا وبهتانًا.
فليعلم الجميع أن الوطن بريء من كل تهمة تُنسج في الظلام، وأن ولاء أبنائه المخلصين سيظل السد المنيع في وجه كل محاولة للنيل منه.
حفظك الله يا وطن العز، وأدام عليك الأمن والكرامة.
من هنا، فإن مسؤولية التصدي لهذا النوع من الحروب تقع على عاتق جميع مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الإعلام والتربية والتعليم والأوقاف.
فالتوعية هي خط الدفاع الأول، والهوية الوطنية هي الحصن المنيع.
لا بد من إطلاق حملات شاملة ومكثفة عبر المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام، لترسيخ قيم الانتماء، وتعزيز الوعي لدى الأجيال القادمة، وتمكينهم من التمييز بين الحقيقة والتزييف بقناعة لا بعاطفة.
إن الحفاظ على الوطن لا يقتصر على الدفاع بالسلاح، بل يبدأ من تحصين العقول وتعزيز الإيمان بالدولة والقيادة والمؤسسات. وما أحوجنا اليوم إلى أن نكون صفًا واحدًا في وجه كل محاولات التشويه والتخريب، متسلحين بالوعي والثقة والولاء.
نسأل الله أن يحفظ أردننا الحبيب، وقيادتنا الهاشمية الحكيمة، وشعبنا الوفي، وقواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزتنا الأمنية الحصينة، درع الوطن وقلعة الشرفاء، من كل شر ومكر.