رغم توجيه اتهامات خطيرة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، قررت محكمة التمييز الفرنسية، الجمعة، إلغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، معتبرة أن تمتعه بالحصانة الرئاسية يحول دون متابعته القضائية في الوقت الراهن.
وجاء قرار المحكمة، وهي أعلى سلطة قضائية في فرنسا، بعد مراجعة قانونية للطعن المقدم ضد المذكرة الصادرة في عام 2023 عن محكمة الاستئناف في باريس، والتي استندت إلى اتهام الأسد بالتواطؤ في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في منطقة الغوطة الشرقية عام 2013، في هجوم أودى بحياة أكثر من 1400 شخص.
ورأت المحكمة أن "رئيس الدولة يتمتع بحصانة قانونية تمنع محاكمته أثناء فترة توليه المنصب"، ما يعني – في الوقت الحالي – أن مذكرة التوقيف لا تستوفي الشروط القانونية للاستمرار.
لكن التطور الأبرز جاء من رئيس محكمة التمييز كريستوف سولار، الذي لفت إلى أن بشار الأسد لم يعد رئيسًا بعد الإطاحة به في ديسمبر 2024، وهو ما قد يفتح الباب أمام إصدار مذكرات توقيف جديدة بحقه في ملفات أخرى تتعلق بجرائم الحرب.
وكانت وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس قد فتحت تحقيقًا منذ 2021، ركّز على البنية القيادية التي أفضت إلى الهجوم الكيماوي بالغوطة، وأسفر عن صدور أربع مذكرات توقيف بحق كل من بشار الأسد، وشقيقه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة، بالإضافة إلى ضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن.
يُذكر أن النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب قد طعنت فقط في مذكرة التوقيف الخاصة ببشار الأسد، دون الطعن في تلك الصادرة بحق باقي المتهمين.
من جهته، وصف مازن درويش، رئيس "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، والذي يُعد من أطراف الدعوى، قرار المحكمة المرتقب حينها بأنه قد يمثل "انتصارًا تاريخيًا للضحايا"، معتبرًا أن ملاحقة الأسد قضائيًا خطوة ضرورية لتحقيق العدالة.
ورغم القرار القضائي الأخير، يرى حقوقيون أن استمرار التحقيقات وبقاء المذكرات الأخرى قيد التنفيذ يمثلان بارقة أمل في مسار محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا.