الأول: سيدي، التحذير الأول من قبل الاحتلال بالخروج والعودة إلى المعبر.
الثاني: قم بالدخول إلى غ_زة.
الأول: سيدي، بدأ التحذير بالقنابل الضوئية.
الثاني: ارفع العلم الأردني وابقَ مستمر.
الأول: سيدي، تم الوصول إلى منطقة خان يونس.
الثاني: الله يعطيكم العافية.
النص:
هذا ليس حوارًا عابرًا، بل شهادة حيّة ناطقة بدقة القرار وعمق الإيمان، ممن قاد أو شارك أو أعد أو تابع، كيف تعمل الدولة الأردنية في أصعب الظروف، لتحقيق الهدف الإنساني دون أن تخسر بوصلتها.
في لحظة تتداخل فيها السياسة بالكرامة، وتشتبك الجغرافيا بالقضية، لا يبقى في الساحة إلا من يحمل الشجاعة مدفوعة بقرار سيادي.
هذا الصوت القادم من الميدان لم يكن بحاجة إلى عبارات مطوّلة، فقد كانت كل جملة تحمل وزنًا سياديًا وإرادة لا تنكسر.
أن يُقال "قم بالدخول”، و”ارفع العلم”، فذلك ليس أمرًا ميدانيًا فقط، بل تعبير عن نهج لا يتراجع أمام الخطر ولا ينكفئ تحت الضغط.
عند خان يونس، حين وصلت القافلة، لم يكن "الله يعطيكم العافية” مجرد تحية، بل ختام لجملة منسقة من الثقة، المراقبة، والتوجيه العلوي المستمر.
الإصرار يبدأ من الأعلى فعلًا، حين تكون المتابعة في كل تفصيلة، والإيمان بالمهمة متجذرًا في القيادة قبل الميدان.
غزة هنا ليست فقط مسرحًا للمعاناة، بل ساحة تكشف كيف تعمل الدولة حين توكل رجالها برسالة نبيلة وتظل تتابعهم بنبض الوطن.
من أول قذيفة إنارة إلى آخر خطوة في خان يونس، لم تكن الكلمات مجرد توجيهات، بل رموزًا لسياسة إنسانية مدروسة تُمارَس لا تُعلَن.
وهكذا، حين يكون الهدف نبيلاً، والطريق صعبًا، لا يتحقق الإنجاز إلا عندما يبدأ الإصرار… من الأعلى.