في خضم الجدل الدائر حول تصريحات منسوبة إلى وزير التعليم العالي الدكتور عزمي محافظة بشأن ممارسات بعض الجامعات في التصنيفات الدولية، يجدر بنا أن نُعيد التأكيد على حقيقة لا يمكن إنكارها: التعليم العالي في الأردن هو من بين الأفضل في العالم العربي، ومكانة جامعاتنا لم تُبنَ على مجاملات أو أموال، بل على عقود من العمل الجاد والتفوق الأكاديمي.
إرث أكاديمي راسخ
منذ تأسيس الجامعة الأردنية عام 1962، كانت المملكة سبّاقة في بناء مؤسسات تعليمية قادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً. تخرج من جامعاتنا آلاف الأطباء والمهندسين والمعلمين والإداريين الذين يرفعون اسم الأردن في مختلف أنحاء العالم. وإن كانت هناك تحديات تواجهنا، فهي ليست دليلاً على ضعف، بل على أننا في طور تطوير دائم، نُشخّص الأخطاء ونواجهها بشجاعة، لا نخفيها ولا نغطي عليها.
الجامعات الأردنية في التصنيفات العالمية
رغم التحديات الاقتصادية والظروف الإقليمية، حافظت بعض الجامعات الأردنية على حضورها في تصنيفات مرموقة مثل QS وTimes Higher Education. الجامعة الأردنية، وجامعة العلوم والتكنولوجيا، والهاشمية، وغيرها من الجامعات، أثبتت قدرتها على النهوض بالبحث العلمي والمشاركة في مؤتمرات ومجلات دولية محترمة.
فهل من المعقول أن تُختصر كل هذه الإنجازات في تلميح غير مؤكد أو تصريح مجتزأ؟
التعليم الأردني.. جاذب للطلبة العرب
يكفي أن نعلم أن الآلاف من الطلبة العرب، من الخليج والعراق وفلسطين واليمن وحتى دول شمال أفريقيا، وحتى من الدول الأجنبية يختارون الأردن وجهة تعليمية لهم. هذا الإقبال لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة لسمعة أكاديمية ونظام تعليمي متماسك، وهيئات تدريسية ذات كفاءة عالية، وأجواء آمنة ومنفتحة على العالم.
التصنيف لا يعكس دائماً الحقيقة الكاملة
علينا أن نكون واقعيين: التصنيفات العالمية ليست دائماً المعيار الأوحد للحكم على جودة التعليم. فهناك جامعات عريقة في أوروبا وأمريكا لا تدخل ضمن هذه القوائم، ومع ذلك تُخرج نخبة من العلماء والمبدعين. لذلك، لا يصح أن نحصر تقييمنا لجامعاتنا بعدد النقاط أو الترتيب في قائمة ما، بل بما تُقدمه هذه المؤسسات لطلبتها ولمجتمعاتها.
لا للتعميم.. ونعم للإصلاح
إذا كانت هناك ممارسات خاطئة أو تجاوزات، فهي فردية ولا تمثل نهج التعليم العالي في الأردن. المطلوب اليوم هو التفريق بين النقد البنّاء والتشويه المتعمد. المطلوب هو دعم الجامعات في رحلتها الإصلاحية، وليس النَيل من صورتها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
كلمة أخيرة
الأردن دولة علم وعلماء. والجامعات الأردنية ليست للبيع، ولا تشتري سمعتها. هي تبنيها بالكدّ والبحث والانفتاح والتطوير. وأي محاولة للتقليل من هذا الإرث، أو التشكيك فيه، لن تنال من الحقيقة شيئاً. نحن نؤمن بالتقييم الذاتي والمساءلة، لكننا نرفض التهويل والتشهير.
فلتبقى جامعاتنا منارات للعلم، ومصدر فخر لكل أردني وعربي.