الرزاز من ديوان
ال التل : القيادة الهاشمية والمجتمع الأردني المتماسك سرّ المناعة الأردنية
الرزاز: مشروع وطني
متكامل لمواجهة تعقيدات الحاضر واستحقاقات المستقبل
الرزاز: من دروس
الماضي إلى تحديات اليوم: هزيمة 67 ونحو تجاوز الهزائم الجديدة
الرزاز: اللاءات الملكية الثلاث.. حائط الصد أمام مشاريع التصفية
الرزاز: نحتاج مشروعًا وطنيًا شاملاً برؤية عربية
الرزاز: الأردن قويّ بجبهته الداخلية وثوابته الراسخة
نيروز – محمد محسن عبيدات
شهد ديوان التلّ في مدينة إربد، مساء الأربعاء 9 تموز 2025، ندوة فكرية
حملت عنوان «انعكاسات التطوّرات الدولية على الساحة المحلية والإقليمية»، أدارها الزميل
الصحفي محمد حسن التل، واستضافت دولة رئيس الوزراء الأسبق د. عمر الرزاز بحضور نخبة
من الشخصيات السياسية والنيابية والأكاديمية. جاءت الندوة استمرارًا للدور التاريخي
الذي اضطلع به الديوان، بوصفه منبرًا وطنيًّا وثقافيًّا احتضن على مدى عقود قاماتٍ
أسهمت في صياغة الهوية القومية والوطنية للأردن.
استهلّ د. الرزاز كلمته بتحية إلى مدينة إربد «مدينة الحضارة والنهضة والعون
وجمال الطبيعة»، مذكّرًا بإرث ديوان التل الذي استضاف المؤتمر الوطني الثالث في 25
أيار 1930 برئاسة عبد القادر التل الباشا، حيث دقّ ناقوس الخطر احتجاجًا على سياسة
بريطانيا في تسهيل بيع الأراضي لليهود. واستعاد سيرة رموزٍ وطنية من آل التل من عرار
إلى الشهيد وصفي التل مؤكّدًا أنّ أثرهم ما يزال حيًّا في وجدان الأردنيين ومسيرتهم
نحو المستقبل.
أكد الرزاز أنّ قوة الدولة الأردنية تنبع من متانة جبهتها الداخلية «بفضل
القيادة الهاشمية الحكيمة، والقوات المسلحة، والمجتمع المتماسك»، مشيرًا إلى أنّ هذه
العناصر قادرة على كسر أيّ مؤامرات تستهدف سيادة الأردن. وجدّد التذكير باللاءات الملكية
الثلاث: لا مساس بالقدس، لا للتوطين، لا للوطن البديل، باعتبارها خط الدفاع الأول في
مواجهة المشاريع الإسرائيلية.
دعا الرزاز إلى مراجعة شاملة تتجاوز التشخيص إلى الفعل، عبر بناء مشروع
متكامل دبلوماسي–عسكري–سياسي–اقتصادي–اجتماعي، يتدرّج من أولويات عاجلة إلى خارطة طريق
متوسطة وطويلة المدى، أبرز محاورها: تعزيز المناعة الاقتصادية بتنويع مصادر المياه
والطاقة ودعم الاقتصاد المعرفي. تفعيل المجلس القومي للتخطيط ليقود رؤية تنموية بعيدة
المدى. الاعتماد على الذات وترسيخ ثقافة الإنتاج. تحفيز الشباب على خدمة العلم وبناء
مهارات سوق العمل الحديثة. توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار وترسيخ ثقافة الولاء
والانتماء. وأشار إلى أنّ برامج التحديث السياسي والاقتصادي والإداري التي أطلقتها
الدولة حقّقت خطوات «مهمّة وفي الاتجاه الصحيح»، لكنها تحتاج إلى تراكم وتكامل لضمان
الاستدامة.
وفي مداخلات للحضور ، حيث شدد الدكتور محمد طالب عبيدات (وزير الأشغال
الأسبق) على ضرورة التصدّي للجهات التي تشكّك في مواقف الأردن، مستعرضًا محطات تاريخية
أكّدت ثبات السياسة الأردنية تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية.
الدكتور نضال البطاينة (وزير العمل الأسبق) استعرض محطات الإصلاح الإداري
منذ بدايات الدولة وحتى اليوم، مُبرزًا تحدي تحويل الخطط إلى نتائج يلمسها المواطن.
النائب هالة الجراح انتقدت تصريحات وزير التربية والتعليم بشأن الجامعات
«التي دفعت ماليًّا» للحصول على الاعتماد، مطالِبةً بتصحيح المسار ومراجعة معايير الجودة
الأكاديمية.
النائب السابق محمد شطناوي تساءل عن الآثار المحتملة لتعديلات قانون بيع
الأراضي، محذّرًا من قرارات استباقية مثل حلّ بعض البلديات بدون معالجة جذور المشكلة
التنموية.
النائب مؤيّد العلاونة دعا إلى مراجعة منظومة التشريعات الاقتصادية لتحفيز
الاستثمار في المحافظات وتقليل الفجوة التنموية.
كما شارك عدد من الأكاديميين والشباب بأسئلة حول الأمن المائي والتحول
الرقمي وتمكين قطاعي الزراعة والسياحة.
في ختام الندوة، أكّد الرزاز أنّ التحديات غير مسبوقة، لكن الفرص كذلك،
مشيرًا إلى أنّ الأردن يمتلك مقوّمات النجاح إذا ما أحسن استثمار رأس ماله البشري،
وحوّل رؤاه الإصلاحية إلى برامج قابلة للقياس والتقويم. وأجمع المتحدّثون على أنّ صياغة
مشروع وطني أردني بأفق عربي بات ضرورة ملحّة لتعزيز المناعة الداخلية ومواجهة ما يفرضه
الإقليم من متغيّرات سريعة.
«الأردن قادرٌ على تحويل الأزمات إلى فرص، شرط أن نمتلك الإرادة والرؤية
والعمل المشترك»، بهذه العبارة ختم الرزاز كلمته، ليترك الحضور على موعدٍ جديدٍ مع
ديوان التل وندواته التي لا تزال تُثري المشهد الوطني وتستحضر روح الريادة والتجديد.