حديقة الأمل في كفرجايز:
ثمرة إبداع مبادرة "سُنبلة" وروح العطاء المجتمعي
نيروز – محمد محسن
عبيدات
في
ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المدارس الحكومية، أشرقت مبادرة "سُنبلة"،
إحدى المبادرات الريادية لجمعية الجود، كنموذج يُحتذى به في تحويل العقبات إلى فرص،
وزرع الأمل في ساحات المدارس بدلًا من تركها أسرى الواقع. انطلقت "سُنبلة"
برؤية نابعة من الإيمان العميق بأهمية تمكين المجتمع المدرسي — معلمين وطلبة — ليكونوا
شركاء في التغيير، وروّادًا في صناعة الحلول من رحم التحديات.
وتُعد
مبادرة "سُنبلة" أكثر من مجرد مبادرة، فهي حركة تنموية تثق بقدرة الإنسان
على الابتكار، وتؤمن بأن المدرسة ليست فقط مكانًا للتعلّم النظري، بل بيئة قابلة للتطوير
والتجديد إذا ما أُتيحت لها الأدوات والدعم المناسب. ومن هذا المنطلق، تم توجيه الجهود
نحو إشراك المؤسسات التعليمية والمجتمع المحلي في مشاريع تنهض بالبيئة المدرسية، وتُسهم
في تعزيز مفاهيم الريادة والاعتماد على الذات.
وفي
هذا الإطار، تألّقت مدرسة كفرجايز الأساسية للبنات بمشروع رائد يُجسّد روح مبادرة
"سُنبلة"، حيث قامت المدرسة بإنشاء حديقة طبية تعليمية داخل أسوارها، لتكون
متنفسًا أخضرًا لطالباتها، وميدانًا تطبيقيًا يجمع بين التعليم البيئي والمهني، والتمكين
الاقتصادي في آنٍ واحد.
تولت
السيدة هيلدا عبيدات، مديرة المدرسة، قيادة هذا المشروع بحماس وإيمان لا يلين، مدعومة
بالمعلمة المتميزة الدكتورة هالة عبيدات والمساعدة النشطة نهاد جرادات، حيث شكّلن فريقًا
متكاملًا ترجَم الرؤية إلى واقع ملموس. وبشراكة فاعلة مع أهالي قرية كفرجايز، وبدعم
كريم من بلدية كفرجايز وعدد من الخيرين والداعمين، تم تحويل الفكرة إلى حديقة عامرة
بالحياة والعطاء.
احتضنت
الحديقة مجموعة من النباتات الطبية ذات الفوائد المتعددة، مثل الشيح والميرمية والحصلبان
(إكليل الجبل) والمورينجا والمليسة وورق الغار، حيث تعرّفت الطالبات على خصائص هذه
الأعشاب واستخداماتها الصحية، مما رسّخ لديهنّ مفاهيم الزراعة المستدامة والتغذية الصحية،
وعزز لديهن شعور الانتماء والمسؤولية تجاه البيئة.
ولم
تكتفِ المدرسة بجعل الحديقة مساحة تعليمية وترفيهية فحسب، بل وضعت رؤية مستقبلية طموحة
لتحويلها إلى مشروع إنتاجي يُدر دخلًا مستدامًا للمدرسة، من خلال زراعة الأعشاب الطبية
وتسويقها مستقبلاً، بما يُسهم في دعم البرامج المدرسية وتوفير موارد إضافية.
إن
ما حققته مدرسة كفرجايز هو نموذج مُشرق لما يمكن أن تصنعه المبادرات الملهمة حين تتلاقى
مع العزيمة المجتمعية والإرادة التربوية، وهو دليل حيّ على نجاح "سُنبلة"
في بث ثقافة الإبداع، وتحفيز المجتمع المدرسي على الريادة والابتكار.
تحية
فخر واعتزاز لكل من ساهم في هذا المشروع الريادي، ولكل من آمن بأن التغيير ممكن، وأن
المدرسة قادرة على أن تكون بؤرة إشعاع حضاري، ونقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
فهكذا تزهر السُنابل، عندما تُروى بالعطاء، وتُزرع في أرض الإيمان.