الصحة تعتبر أولوية في حياة الانسان؛ وبالتالي تسعى الدول إلى تقديم خدمات صحية متميزة وذات جودة ونوعية عالية، مما أدى إلى تعدد الأنظمة الصحية وحسب حاجة وطبيعة البلد والمجتمع فلا يوجد نظام صحي محدد يمكن يتم تطبيقه على كل الدول بنفس الطريقة؛ ومن هذا المنطلق قامت الدول والحكومات باختيار إحدى الانظمة الصحية يناسبها وممكن تطبيقه على مجتمعها سهل الوصول إليه وبتكلفه مناسبه لوضع البلد المالي وممكن االحصول عليه من جميع أفراد المجتمع بطريقة ميسرة وسهلة وتقديم خدمات صحية ذات جودة عاليه ومتميزه.
عندنا في الأردن يوجد عدة قطاعات صحية رسمية من حكومية (وزارة الصحة) وعسكرية(الخدمات الملكية الأردنية ) وجامعية (تتبع الجامعات) وخدمات الصحة المقدمة من قبل وكالة الغوث للاجئين وهي لا تعتبر رسمية، تنوع القطاعات الصحية الرسميه أدى إلى تفاوت مستوى الخدمة الصحية المقدمة للمنتفع لا بل ادت الى تشتت الجهود ونظرا لعدم وجود تنسيق فيما بين المؤسسات الصحية الرسمية مما أدى أدى إلى وجود إلازدواجية في تقديم هذه الخدمات وتكرار توفير الأجهزة والمعدات وإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في نفس المنطقة، و زيادة كلفة تقديم الخدمة الصحية على الدولة وزيادة المصروفات على القطاع الصحي بدون فائده للمنتفع كان ممكن تداركها لو كان هناك تنسيق وتفاهمات ما بين القطاعات الصحية الرسمية المختلفة واستغلال هذه الإمكانيات في اضافة خدمات صحية جديدة أو تطوير الخدمة الموجودة، فمثلا وعلى سبيل المثال لا الحصر تم إنشاء مراكز صحية من وزارة الصحة وكذلك من قبل الخدمات الملكية في نفس المنطقة ولا تبعد المراكز سوى مسافة بسيطة ويقدم كلا المركزين نفس الخدمات وهذا ينطبق بخصوص انشاء المستشفيات في ذات المنطقة، وهذا يدل على عدم التكامل في هذه الخدمات وازدواجية تقديمها كون هذه المؤسسات تقدم نفس الخدمات وفي نفس المنطقة وهذا ينطبق على صرف الأدوية في هذه المواقع ومدى الهدر الكبير في هذا المجال.
أما في مجال التأمين الصحي وتشتت الجهود المبذولة من الجهات الصحية المختلفة وازدواجية الاشتراك في التأمين واضاعة الوقت في الإصدارات من كلى الجهتين كان ممكن استغلاله في خدمات أخرى.
كانت هناك في الواقع محاولات سابقة لتوحيد وتنظيم المؤسسات الصحية الرسمية وكان طابع هذه المحالاوت التسرع وعدم التخطيط وإنشائها لأغراض تنفيعيه لبعض الأشخاص وعلى سبيل المثال إنشاء المؤسسه الطبيه العلاجيه وكان هدفها المعلن توحيد وتنظيم الخدمات الصحية في القطاع الرسمي الحكومي (وزاره الصحه) والعسكري (الخدمات الطبيه الملكيه) الجامعي(المستشفيات الجامعية) ولكن لها أهداف خاصة تنفيعيه وتم إنشائها دون تخطيط ولا دراسه شامله مما أدى إلى فشلها وعدم نجاحها مما كبد الدولة الأردنية خسارة عشرات الملايين من الدنانير وانتهت التجربة بسبب الصراعات التي حدثت ما بين وزارة الصحة والخدمات الطبيه الملكيه في حينه وكان مصيرها الفشل، ولكن هل تم دراسة الأسباب التي أدت إلى فشل المؤسسه الطبيه العلاجيه وعدم نجاحها؛ هل تم محاسبة من تسبب في فشلها وتحميلهم هذه الخسارة لكن الواقع حدث العكس انتهت المؤسسه الطبيه العلاجيه وانتهت دون معرفة الأسباب وانتهى الموضوع في حينه للأسف الشديد.
الان نأتي على الوضع الحاضر، تم تشكيل لجنة من أصحاب الذوات الزملاء الأطباء الأفاضل بهدف دراسة توحيد وتنظيم القطاع الصحي الرسمي في المملكة وذلك للخروج بمقتراحات وتوصيات ووضع خطة عمل واضحة المعالم لتنظيم وتوحيد القطاع الصحي الرسمي الحكومي والعسكري والجامعي، وبهدف الإستفادة من تجارب الماضي الفاشلة ارجو ان تكون هذه المحاولة موضوعه حسب معايير وأسس
واضحة المعالم ويتم دراسة جميع النقاط السلبية قبل الإيجابية في عملية توحيد وتنظيم القطاع الصحي الرسمي وعدم ابقاء الجهود الصحية مبعثرة ومشتتة ووضع خارطة طريق لإتباع سياسة جديدة حول التنسيق والتوحيد واتباع نمط تشاركي جديد في المراكز الصحية أو المستشفيات الرسمية
بهدف تقديم خدمة صحية متميزة للمنتفعين؛ ودمج المؤسسات الصحية الرسمية لتقديم خدمات صحية جماعية وتوافقية وتشاركية وتوحيد المرجعيات وطريقة العمل لتكون مظلة اشرافية واحدة مستقلة عن باقي الجهات الإشرافية الأخرى في مجال الصحة.
كل هذه الإجراءات تصب في محاولة النهوض بالقطاع الصحي ومعالجة الاختلالات والتحديات التي تحول دون تقديم الخدمات الصحية المتميزة للمنتفعين وللفئات المستهدفة، ويجب وضع خطة عملية مدروسة بعناية فائقة والاستفادة من
نيروز عاجل, [15.03.21 11:42]
أخطاء التجارب السابقة توفيرا للجهد والوقت وعدم التسرع في التنفيذ قبل دراسة جميع النقاط والمحاور حتى نوفر فرصة إمكانية النجاح في التطبيق وإجراء الإصلاحات المطلوبة في القطاع الصحي الرسمي بشمولية وتكاملية ما بين جميع الجهات.
الخدمات الصحية ممكن تقسيمها إلى ثلاثة مستويات من الخدمة على النحو التالي :
الرعاية الصحية الأولية
الرعاية الصحية الثانوية
الرعاية الصحية الثالثية
وحتى تكون المصطلحات والكلمات واضحة للجميع سيتم شرح كل مستوى من المستويات المذكورة كما يلي:
الرعايه الصحية الاولية:
هي الرعاية الصحية الشاملة للأفراد والأسر والمجتمع (شمولية الخدمة)؛ أما خصائصها:
١/أن تكون ميسرة لكافة أفراد المجتمع.
٢/أن تعتمد على وسائل وتقنيات صالحة ومقبولة اجتماعية.
٣/أن تعتمد على مشاركة تامة من أفراد المجتمع.
٤/أن تكون تكاليفها ممكن توفيرها.
٥/ان تكون جزء لا يتجزء من التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة للمجتمع.
٢/خدمات وقائية (صحة انجابية؛ تطعيم؛ وقاية الأمراض السارية)
٣/خدمات علاجية (الكشف المبكر للمرض؛ توفير وتامين َالادوية)
عناصر الرعاية الصحية الأولية :
١/التثقيف والتوعية الصحية بشأن المشاكل الصحية وطرق الوقاية منها ومكافحتها.
٢الاصحاح البيئي وتوفير المياه النقية.
٣/الصحة الإنجابية (رعاية الام والطفل)
٤/التغذية الصحيحة وتوفير الأغذية.
٥/تحصين الأطفال ضد الأمراض الطفولة المعدية.
٦/وقاية المجتمع من الأمراض السارية المستوطنة ومكافحتها.
٧/التشخيص المبكر للأمراض والعلاج المبكر.
٨/توفير الأدوية والعقاقير الأساسية.
٩/صحة الفم والأسنان.
١٠/صحة المسنين.
١١/تعزيز الصحة النفسية.
أسس ومرتكزات الرعاية الصحية الأولية :
١/عدالة التوزيع.
٢/التقنية الملائمة لحاجات المجتمع والمتطلبات الصحية.
٣/التنسيق والتعاون بين القطاعات المختلفة داخل الحكومة ومع الجهات ذات العلاقة من خارجها.
٤/مشاركة المجتمع.
وبعد استعراض مكونات الرعاية الصحة الأولية نرى انها نهج للصحة يشمل كل المجتمع ويتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية وهي تتناول الصحة بجوانبهما البدنية والنفسية والاجتماعية الشاملة؛ وجوهرها هو توفير الرعاية الصحية للشخص ككل فيما يخص الاحتياجات الصحية طوال الحياة وتضمن حصول الأشخاص على رعاية شاملة؛ تتراوح بين الإرشاد والوقائية إلى العلاج وإعادة التأهيل.
ومن هذا الاستعراض لعناصر الرعاية الصحية نرى انها تؤدي إلى الأمن الصحي للمجتمع؛ وهذا هو دور وزارة الصحة والتي يجب أن ترعى وتهتم بصحة المجتمع من جميع جوانبه وهو أمر في بالغ الأهمية؛ وأن تهتم في الجانب الوقائي للفرد والمجتمع بجميع مكونات؛ وأن تترك الخدمات العلاجية بكافة مستوياتها الثانوية والثالثة لجهة أخرى غير وزارة الصحة والتي ستبقى المشرف والمرجع الأول للصحة في المملكة حسب قانون الصحة العامة وتعديلاته المختلفة.
أما بخصوص الخدمات الطبية التخصصية في مستشفيات المملكة الرسمية والتي تقدم الخدمات العلاجية بشقيها الثانوية والثالثة ممكن أن تناط المسؤولية بالخدمات الطبية الملكية او جهة مشتركة تكون مكونة ما بين الخدمات الطبية الملكية والمستوى الجامعي على أن تكون هذه الجهة مستقلة ادارياً ومالياً عن وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية؛ ولكن هذا يتطلب دراسة الموضوع بعناية تامة وبصورة تفصيلية مع الاستفادة من تجارب الماضي وأخطائها.
أما بخصوص التأمين الصحي وبهدف تكاملية العمل وتحدياته في القطاعات الصحية الرسمية اعتقد بوجوب دراسة إنشاء جسم مستقل يشرف ويتابع التأمين الصحي في جميع المؤسسات الصحية الرسمية ولجميع المنتفعين والمشتركين من جميع الفئات (التأمين المدني؛ التأمين العسكري؛ التأمين الجامعي) بحيث يكون هذا الجسم هو الجهة المشرفة والمرجعية لجميع المنتفعين والمشتركين وتكون هذه الجهة مستقلة اداريا وماليا عن جميع المؤسسات الصحية الرسمية ويتبع لها جميع المديريات المختصة بالتأمين الصحي في الجهات الصحية؛ وتدار من طاقم متخصص في التأمين الصحي بهدف توحيد الفئات التأمينية وعدم تشتيت الجهود وتوفيرا للجهد والوقت.
وفي نهاية المقال أدرج بإدناه المقترحات التي ممكن أن تساعد صاحب القرار في اتخاذ القرارات المناسبة لتصويب وتطوير النظام الصحي الأردني بهدف تنظيمه وتوحيدة في إطار يناسب قدرات وإمكانيات الدولة الأردنية والمجتمع الأردني على النحو التالي:
نيروز عاجل, [15.03.21 11:42]
١/ تقوم وزارة الصحة بالإشراف على الرعاية الصحية الأولية بكافة مكوناتها وفي جميع المناطق والمحافظات وذلك حسب قانون الصحة العامة وتكون هي المرجع الأول في النظام الصحي الأردني من حيث الإشراف والمتابعة دون تقديم الخدمة الصحية.
٢/ تقوم الخدمات الطبية الملكية والخدمات الجامعية بتقديم الخدمات الطبية العلاجية على جميع مستوياتها الثانوية والثالثية في المستشفيات الرسمية وفي جميع المحافظات والالوية وتكون مسؤولة عن تقديم الخدمة الطبية العلاجية لجميع المواطنين ومن كافة أنواع وفئات التأمين الصحي
وتكون هي الجهة المشرفة على هذه المواقع وبشكل يومي
٣/ انشاء المؤسسة العامة للتأمين الصحي لكافة فئاته ومستوياته وتكون مسؤولة عن التأمين في جميع المؤسسات الصحية الرسمية وفي كافة مراحله وخطواته على ان تكون هذه المؤسسة العامة مستقلة اداريا وماليا وتدار من أصحاب الاختصاص ويشكل مجلس اداره يكون مكون من الجهات الصحية الرسمية بالإضافة إلى مشاركة أصحاب الاختصاص
٤/ انشاء المؤسسة العامة للأمصال والمطاعيم تكون مسؤولة ومشرفة على اللقاحات والأمصال والقيام بتزويد الجهات الصحية الرسمية بها وكذلك دراسة إمكانية القيام بتصنيع هذه اللقاحات والامصال بالتعاون مع المراكز العلمية البحثية في الجامعات الأردنية والقطاع الخاص ويكون لها جسمها الإداري المستقل وتكون تحت مظلة وزارة الصحة كونها الجهة الرسمية المشرفة على الرعاية الصحية الأولية والتي تتضمن موضوع الأمصال واللقاحات.
٥/ يتم إنشاء مستشفى للأمراض المعدية والوبائية والفيروسية
بحيث يقوم بتقديم الخدمات الطبية التخصصية في مجال الأمراض المعدية والتنفسية والفيروسية وهذا المستشفى المختص له مواصفات خاصة ويختلف عن باقي المستشفيات نظرا لطبيعة مراجعيه ومرضاه من حيث التصميم الهندسي من خلال نظام أنابيب التهوية المخصص ومعدات الوقاية الشخصية وأقنعة التنفس، وأدوات التحكم الهندسية كغرف الضغط الإيجابي والضغط السلبي ومعدات تدفق الهواء والحواجز الميكانيكية والهيكلية المتنوعة؛ وهذا المستشفى المتخصص يجب أن يكون على أعلى مستوى من التجهيز بالمعدات والأجهزة الطبية والكوادر البشرية المدربة والبنية التحتية، وهذا المستشفى تكون تابعيته للخدمات الطبية الملكية والخدمات الجامعية أو الجهة المسؤولة عن الخدمات العلاجية. وممكن اختيار احد المستشفيات الموجودة حاليا وعمل التعديلات المطلوبة ان امكن ذلك او انشاء مستشفى جديد وحسب الامكانيات المتاحة.
٦/ تقوم مديرية الأجهزة الطبية والموجود حاليا في حرم الجمعية العلمية الملكية والتابعة حاليا لوزارة الصحة والمديرية المختصة في الخدمات الطبية الملكية والمديريات المختصة في المستشفيات الجامعية بالتعاون والتشارك في تزويد المستشفيات والمراكز الصحية بالأجهزة والمعدات الطبية وتكون الإدارة مشتركة بين هذه الجهات.
٧/ يتم تشكيل مديرية مشتركة بخصوص القوى البشرية العاملة في هذه الجهات تكون مسؤولة عن التعليم والتدريب المستمر والابتعاث الداخلي والخارجي وممكن الاستفادة من تجربة الخدمات الطبية الملكية في مجال التدريب والابتعاث والتعليم المستمر بحيث تستفيد من هذه التجربة جميع الجهات
وتدار هذه الجهة التعليمية من قبل الخدمات الطبية الملكية والجهات المسؤولة عن التعليم الطبي والابتعاث في المستشفيات الجامعية كونهم يملكون تجارب ناجحة في هذا المجال.
٨/ يتم تشكيل إدارة مشتركة تشرف على تزويد المواقع الطبية بالأدوية المطلوبة ولجميع الجهات وممكن الاستفادة من التجارب الناجحة في كل جهة.
هذه الملاحظات المقترحة ممكن الإستفادة منها في عمل ثورة بيضاء في القطاع الصحي يطور الخدمة الصحية ويحسنها في جميع المجالات بحيث تقدم الخدمة الصحية للمواطن على شكل أفضل وبطريقة متميزة ويكون هناك نقلة نوعية في النظام الصحي الأردني انتظره المواطن الأردني من زمن طويل وتم البناء على التجارب الناجحة الموجودة حاليا من جميع الجهات.
نسأل الله التوفيق والسداد والنجاح الدائم لبلدنا في جميع المجالات والخدمات.