من أهمِّ عوامل النجاح في الحياة هو تحديد الهدف الذي نريد الوصول إليه. وبمجرد الوصل إليه تتحقق الغاية التي سعينا لأجلها وتحمّلنا كلَّ الأتعاب وواجهنا كلَّ التحديات وبذلنا جلَّ التضحيات. فالهدف يبقى هو الأساس وهو العنوان وما تعداه عناوين بعيده عن العنوان الرئيس.
والمشكلة أنه لا يمكن تحقيق هدف ما من غير أنْ يّعتريَ مسيرةَ حياتنا الكثيرَ من المنغّصات والعراقيل التي قد تُحيدنا عن تحقيق هدفنا والوصول إليه. وقصصٌ كثيرة في الحياة شاهدة على ذلك، ولكننا نكبُر بالإنسان الذي يضع أمام عينه هدفه الأساسي الذي يسعى للوصول إليه، ومن أجله يبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيقيه، ولا يفسح المجال لأي تحدٍ مهما كان أن يعيق وصوله لنقطة النهاية وتحقيق الحلم.
وَمِنْ المُمكن أنْ يكون لدينا أكثر من هدف نسعى للوصل إليه، وهذا أمر مشروع وإيجابي، ولكن يجب أن تكون لنا القدرة الإدارية والروح المعنوية والعزيمة الصلبة في سبيل تحقيقها جميعاً.
وأهمُّ هدفٍ في حياتِنا هو أنْ نَصلَ إلى نهاية رحلة حياتنا الأرضية بنجاح، ونحقِّقَ راحةَ نفوسنا التي نرنو إليها. وهذا هدفٌ ليسَ تحقيقه بالأمر السهل لأنَّهُ يتطلَّبُ منَّا أن نفعل ما فعلته مريم أخت مرثا ولعازر في قرية بيت عَنْيَا ( وتعنى بيت الشقاء) على مشارف مدينة القدس عندما جلست عند قدمي السيد المسيح تستمع إلى كلامِ النعمةِ الإلهيةِ الخارجِ من فمه، وهو الكلام الذي إنْ عَملنا به ينيرُ لنا درب الحياة الأبديةِ، فهو إذ يدعونا لأنْ نحبَّ اللهَ من كلِّ القلب ومن كلِّ النفس ومن كلِّ القدرة ومن كلِّ الفكر، ونحبَّ قريبنا كأنفسنا.
ولكنْ، قد تثنينا أمور الحياة المختلفة واهتماماتها وانشغالاتها ومسّراتها عن المضي قدماً في تحقيق أهم وأسمى الأهداف التي نسعى إليه في حياتنا، فنتشتت ونهتم ونضطرب لأجل أمورٍ كثيرة أقل أهمية أو ربما لا أهمية لها، مّعْ أن "الحاجة إلى واحد".