كنت أعبر الطريق بسرعة.. كنت أسارع الزمن لأصل للمستقبل؛
أتخطى الأيام والفراق والصعاب بخطى ثابته واثقة بأن الطريق الصعب نهايتة راحة!
كانت تنتابني الكثير من المشاعر مابين شوق وغصة وبُعد والكثير من التساؤلات التي لم تكن إجابتها تحضرني حينها فقد كنت صغيره بعد لم تُستويني الحياه بنضجها!
مندفعه نحو الطموح والاجتهاد والتفوق الإجتماعي لكي يصفق لي من حولي وارى نظرات الإعجاب و التقدير في عيونهم !
وأخبر معلمه العلوم بأني أصبحت كما شجعتني فأنا تفوقت بالعلوم والأحياء والكيمياء وكنت اتباهى بذلك!
خُضت ماراثون سريع مع نفسي ضد نفسي من أجل نفسي ولا أعلم لماذا كل هذا الإجحاف بحق نفسي!
وبعد ان أنهينا الطريق و وصلنا لوجهتنا المنتظره "المستقبل المشرق" لم نجده مشرقاً!
بل هو وحل ومستنقع ومزيج خراب و عث وفساد بما كسبت أيدي من سطروا على حائط مدارسنا العِلمُ يَبني بُيوتاً لا عِمادَ لَها -- والجَهلُ يَهدِمُ بَيتَ العِزِّ والكَرمِ!
من علمونا يوماً بأن المجد للأطباء والمهندسين والمعلمين! وان العلم هو الحصانه و الضمان في هذه الحياه!
و ذموا وقذفوا بالفنون والتراث وقللوا من شأن الموسيقى والسياحه والسفر؛
كذبوا.. واستطيع ان أجادلهم بكذبهم! لأن تعليمهم مزيف خصوصاً التعليم الجامعي؛
تعليم جمعي نفعي يضر اكثر مما ينفع!
يعلمنا الإلتزام و الاستيقاظ مبكراً وملاحقه الباصات والوقت والجهد الكبير في تعلم مواد استُهلكنا ونحن نتعلمها على مدار اثنى عشر سنه! مابين متطلبات إجباريه واخرى اختياريه بين عربي وإنجليزي وثقاقه إسلاميه و رياضيات و..... الخ والكثير من الحشو الذي يعبر الدماغ لأجل الحصول على العلامات ليس اكثر! فهذه برمجتنا!
وماذا اخبركم عن مواد الإختصاص وهيكله الخطه الدراسيه للحصول على درجه البكالوريوس؛
خطه تفتقر للتعليم الحقيقي الذي يؤدي رساله الصيدله والمداوه واكتشاف الدواء، لم تكن أكثر من حشو مواد مُرهقه و مصاصه طاقه للطلاب وثقل يحمله اساتذتها البؤساء!
فالطلاب وجوههم مصفره او مسوده بما يحملوه من هم من صعوبه المواد الدراسيه وكثره الإمتحانات والكويزات اليوميه و المختبرات المتأخره وبعدها عن الواقع الملموس و إفتقارها للجانب العملي الحقيقي الذي يشبه سوق العمل او مايطلبه السوق المحلي والعالمي!
وبينما انت تجاهد نفسك كطالب طب او صيدله او اي تخصص علمي في بلادي وتتعود على الحرمان واعتزال الحياه الإجتماعية لتصبح شخصيه نمطيه معقده تجيد كتابه المعادلات الكيميائيه والحفظ الأعمى لأسماء العقاقير و اصول النباتات لتؤدي إمتحان و"تعبر" ! لتمضي سنوات وتدفع اقساط مثقله لظهر والديك ولزهره شبابك!
كنت ادرس وامضي الطريق يإستغراب وتعجب ورفض لهذه الآليه القاتله الصامته في التعليم الذي كنت اراه اجمل واسمى مافي الحياه! وشيئ ما يطبق على صدري، رغم اللحظات الجميله والاصدقاء الأجمل الذين سكنوا مرحله الجامعه التي لا أنكر انها إستثنائيه؛
ولكن دون إنكار بأن التعليم في بلادي يحتاج إعاده هيكله خصوصا التطبيقي منه!
التعليم التطبيقي او العملي يحتاج الى الشغف الحقيقي وليس لمعدل توجيهي مرتفع!
يحتاج إلى حب التعلم وفضول البحث والإستكشاف وهذا ضرب من الخيال في بلادي! يكفيني ان اتابع National Giography لأُصاب بالإحباط وانا اقارن بين شغفهم في التعلم وقطع محيطات وجبال والمكوث سنوات لأجل الوصول لمعلومه والاستمتاع بالإستكشاف وبين التعليم الأخرس الذي نتلقاه! ماتعلمناه هو تلقين وحفظ اعمى، واي شخص يقاطع او يجادل من نسميهم العلماء ونوسمهم بالأوسمه والشهادات فهو وقح وجدالي ويترتب عليه جُرم تأديبي!
مفارقات عجيبه!!
وبعد ان خرجت لسوق العمل وذُهلت بالتناقض الذي يطلبه سوق العمل المختلف عما تلقيناه اصبحت اطالب بإعاده هيكله خطط التعليم وتعليم الطلاب تعليم حياه حقيقي، تعليم إعتماد على النفس وثقه بالنفس وكيفيه إختلاق المال والفرصه من العدم وتخصيص كم كبير من الخطه في تعلم الإقتصاد والمال وصنعه، قرأت ذات مره عن تعليم الغرب في جامعتهم، كيف اساتذتهم علموهم اختلاق الفرصه من قطع الخرده والخروج بفكره لجني المال وقسمت الصف لعده مجموعات منهم من كان تقليدي ومنهم من خرج بأفكار ابداعيه جنوا من الاشيئ الكثير من المال!
و أما عنا نحن فنخرج بعقليات الموظفين النمطين الذين يلهثون وراء اللمم ويخافون الموت فيحظوا بالتقاعد! وهكذا تتدمر العقول وتتبرمج على الخنوع و العبوديه وضيق الفكر وتصبح مُلك للشهاده، فالطبيب و الصيدلاني والمحامي لن يقبل باي فكره عمل خارج مجاله فهو مقدس بنظر مجتمعه وسيعتريه النقص واللوم اذا خرج عن السرب فيعيش في تناقض مع نفسه ومع شح الفرصه في بلاده لانه ينتظر المستثمر الذي ينتشله من الضياع ليعمل موظف لديه وتستمر عجله الحماقه التعليميه بتحفيز طلاب بالعلامات العاليه ليلتحقوا بالكليات العاليه كما يسموها ويتخرجوا بعقليات مكبله ويشهدوا تغيراً سريع أكبر من توقعاتهم فلا يستطيعون مواكبته ولا هم تمرنوا على التعليم الحقيقي الذي يوسع الأفق ويعزز مفهوم الوفره واختلاق الفرصه من العدم والتجرد من الايجو المنفوخ بالالقاب، و أجزم أن هذا مايجعلنا ضمن العالم الثالث!
اتمنى من صانعي الرأي والقائمين على التعليم بالغوص بالحقيقه و اعاده هيكله التعليم ومعرفه رساله التعليم الحقيقيه ومواكبتها للواقع وترشيح الموهبه على العلامه الدراسيه فالموهبه هي البصمه الشخصيه و سر الإبداع وكاشفه اسرار الكون وبها تُبنى الحياه والنهضه وليس إستنساخ آلاف النسخ الحاملين لذات الشهاده الراغبين بالعمل بنفس الآليه دون إضافه واحده تذكر في مجال العلم او الفن من إلا من رحم رب بالتأكيد.