عبيدات
يكتب .. إعادة خدمة العلم.. خطوة دفاعية بامتياز تعزز الجبهة الداخلية
نيروز
– محمد محسن عبيدات
في خطوة
تاريخية تحمل في طياتها بعدا وطنيا عميقا ورؤية استراتيجية بعيدة المدى، أعلن سمو ولي
العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه ، اعادة العمل بخدمة العلم
اعتبارا من مطلع العام المقبل . قرار ليس عابرا ولا شكليا، بل هو محطة مفصلية في مسيرة
بناء الوطن وصون امنه، اذ يعكس وعيا متقدما بمتطلبات المرحلة، وادراكا لحاجة الاردن
الى جيل واع منتم ومؤهل ليكون الدرع الحامي للجبهة الداخلية.
ان من
اهم ما تحمله خدمة العلم انها تغرس في نفوس الشباب قيم التضحية والفداء، وترسخ الولاء
الصادق للارض والقيادة. ففي زمن تزداد فيه التحديات وتعصف فيه رياح الفتن، يأتي هذا
القرار ليعيد البوصلة الى اتجاهها الصحيح: الوطن اولا. الشباب يتعلمون ان حب الوطن
ليس شعارات ترفع، بل فعل يومي يتجسد في خدمة الارض وصون ترابها.
خدمة العلم
هي مدرسة الانضباط الاول، حيث يتعلم الشاب قيمة الالتزام واحترام النظام والوقت. انها
مرحلة تربوية تنقل الشباب من العشوائية الى النظام، ومن الفردية الى احترام القانون،
فتخرج لنا جيلا يعرف كيف يقود ذاته قبل ان يقود الاخرين. وهذه هي اللبنة الاولى لبناء
دولة قوية تعتمد على شباب منظم واع.
خدمة
العلم تسهم في بناء الشخصية القوية، ففي ساحات التدريب وفي اجواء الجندية تصقل النفوس
ويختبر الصبر والتحمل ويبنى الاصرار والارادة. فخدمة العلم لا تخرج شبابا اقوياء الاجساد
فحسب، بل تصنع رجالا ونساء اقوياء العزيمة قادرين على مواجهة الصعاب في كل ميدان من
ميادين الحياة. وخدمة العمل تعزيز قيم الرجولة والاعتماد على النفس، ففي زمن يغري البعض
بالراحة والاتكالية، تأتي خدمة العلم لتقول للشباب: انتم قادرون. فهي تجربة تعيدهم
الى الاعتماد على الذات، الى قوة الساعد وارادة العقل، بعيدا عن الاتكال على الاخرين.
هنا تتجلى الرجولة في معناها الاسمى، رجولة المسؤولية والعطاء.
وخدمة
العلم تسهم في تطوير المهارات البدنية والصحية من خلال التدريبات الرياضية والانشطة
العسكرية، يجد الشباب انفسهم امام فرصة لاكتشاف قدراتهم البدنية وصقل صحتهم الجسدية
والنفسية. فهي مرحلة تجعل الجسد اكثر قوة، والنفس اكثر صلابة، والعقل اكثر توازنا.
وتسهم كذلك في اكساب مهارات عملية ومهنية ، حيث لا تقف خدمة العلم عند حدود التدريب
العسكري، بل تمتد الى بناء المهارات العملية: من القيادة والادارة الى التعامل الانساني
الراقي مع الاخرين. فهي مدرسة حياة تفتح امام الشباب ابوابا جديدة للعمل والانتاج وتؤهلهم
ليكونوا عناصر فاعلة في كل قطاع.
وخدمة
العلم تعمق روح العمل الجماعي، وتذيب الفردية في بوتقة الجماعة، حيث يتعلم الشاب ان
نجاحه مرهون بنجاح الفريق، وان قوته لا تقاس بقدرته وحده، بل بقدر ما يضيف للاخرين.
وهكذا تبنى الروح الوطنية التي تجعل كل فرد سندا لرفيقه وعضدا لوطنه. و
من خلال
هذا البرنامج، يعد الوطن جيلا قادرا على مواجهة التحديات الامنية والاقليمية، وعلى
رأسها تهديدات العدو الغاصب. فخدمة العلم ليست ترفا، بل هي خط دفاع متقدم يضمن وجود
طاقات شبابية مدربة وجاهزة لرفد القوات المسلحة عند الحاجة، مما يعزز امن الاردن واستقراره.
ان إعادة
خدمة العلم يعد قرار وطني دفاعي بامتياز، وهو اعلان صريح عن مرحلة جديدة عنوانها الجاهزية
الوطنية. قرار يقرأ في سياق التحديات التي تحيط بالمنطقة، وهو رد عملي حكيم على المخاطر
الامنية والاقليمية. لقد اثبت سمو ولي العهد ان القيادة الهاشمية تقرأ المستقبل بوعي،
وتضع الوطن في المقدمة دائما ، وخدمة العلم هي رسالة واضحة للعالم أجمع ان الاردن مستعد
دائما، وشبابه هم الرصيد الحقيقي لامنه ونهضته.