يواجه المستثمرون في أسواق المعادن الثمينة معضلة استراتيجية في ظل المناخ الاقتصادي والسياسي الحالي: هل يتجهون إلى بريق الذهب كـ"ملاذ آمن" تقليدي، أم يراهنون على الفرص المستقبلية التي يحملها "المعدن الأبيض" الفضة، المدفوع بالطلب الصناعي المتزايد؟
ففي حين حقق الذهب مستويات سعرية قياسية مرتفعة، مدعوماً بالتوترات التجارية وضبابية مسار أسعار الفائدة، تقدم الفضة قصة نمو مختلفة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.
توقعات معهد الفضة لعام 2025
في تقريره الذي صدر في 16 أبريل الماضي، رسم "معهد الفضة" (The Silver Institute) صورة للسوق تؤكد على وجود أساس قوي يدعم المعدن الأبيض.
وأشار التقرير إلى أن سوق الفضة العالمية تتجه لمواجهة نقص في المعروض للعام الخامس على التوالي.
ورغم أن التوقعات تشير إلى أن العجز بين العرض والطلب سيتراجع في عام 2025 ليبلغ 117.6 مليون أوقية، وهو أقل مستوى له منذ أربعة أعوام، إلا أن استمرار وجود العجز بحد ذاته يعد مؤشراً قوياً على أن الطلب لا يزال يفوق الإنتاج.
الذهب للتحوط والفضة للنمو
وفقاً للتحليلات، يستمد كل معدن قيمته من دوافع مختلفة، مما يحدد طبيعة الاستثمار فيه:
الذهب: يظل الخيار المفضل للمستثمرين الذين يسعون إلى التحوط من المخاطر، وحماية ثرواتهم خلال فترات عدم اليقين السياسي أو تقلبات الأسواق المالية.
الفضة: تكتسب بريقها من دورها المزدوج. فإلى جانب كونها معدناً نفيساً، تعتبر مادة صناعية حيوية تدخل في صناعات المستقبل، مثل الطاقة النظيفة (الألواح الشمسية)، والإلكترونيات، والسيارات الكهربائية.
وهذا يجعلها خياراً استثمارياً مرتبطاً بالنمو الاقتصادي والابتكار التكنولوجي.
القرار يعود للمستثمر
في المحصلة، يتوقف الاختيار بين المعدنين على استراتيجية المستثمر وأهدافه. فالباحث عن الأمان والاستقرار قد يجد في الذهب ضالته، بينما الباحث عن فرص النمو المرتبطة بالقطاعات الصناعية الواعدة قد يرى في الفضة خياراً أفضل.
ورغم أن الأرقام المسجلة حتى الآن ترجح كفة الذهب من حيث الأداء السعري، فإن العجز الهيكلي في إمدادات الفضة يضعها في موقع قوي قد يجذب اهتمام المستثمرين على المدى الطويل.