يرتبط مشهد شرب القهوة الصباحية لدى الكثيرين بسيجارة مشتعلة، حتى بات هذا الثنائي عادة يومية يُنظر إليها كطقس لا يكتمل أحدهما دون الآخر. ولكن ما يجهله كثيرون أن هذا المزيج يُخفي وراءه مخاطر صحية متعددة، قد تكون بداية لمسار طويل من الأضرار الجسدية والنفسية.
التأثير المزدوج على الجهاز العصبي
القهوة تحتوي على الكافيين، وهي مادة منبهة للجهاز العصبي، تمنح شعورًا مؤقتًا باليقظة والنشاط. بالمقابل، تحتوي السيجارة على النيكوتين، الذي يُحفّز إفراز الدوبامين في الدماغ، ما يمنح شعورًا زائفًا بالراحة. عند دمج المادتين، يحدث اختلال في توازن الجهاز العصبي، وقد يؤدي الإفراط في تناولهما معًا إلى القلق، التوتر، الأرق، وتسارع ضربات القلب.
إرهاق القلب والأوعية الدموية
أظهرت دراسات طبية أن الجمع بين الكافيين والنيكوتين يزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب بشكل يفوق تأثير كل منهما منفردًا. هذا العبء الإضافي على القلب قد يكون خطيرًا، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية أو ارتفاع ضغط الدم.
ضعف امتصاص الفيتامينات والمعادن
القهوة تقلل امتصاص الحديد والكالسيوم، بينما يُضعف التدخين امتصاص فيتامين C وB12، ما يؤدي إلى نقص غذائي تدريجي يؤثر على الجهاز المناعي، وصحة العظام، والبشرة، وحتى المزاج العام.
الإدمان السلوكي
المزيج بين القهوة والدخان لا ينتج فقط إدمانًا جسديًا، بل إدمانًا سلوكيًا أيضًا. فالمخ يربط بين المتعتين، ما يجعل الإقلاع عن أحدهما صعبًا دون الآخر. ويؤكد مختصون أن هذه العادة تعزز التعلق النفسي، وتجعل الشخص أكثر عرضة للانتكاس حتى بعد محاولات الإقلاع.
صحيح أن لحظة القهوة مع السيجارة قد تبدو ساحرة في الصباح أو خلال أوقات الاستراحة، لكنها لحظة قصيرة الأمد، تُقايض الصحة بالحالة المزاجية المؤقتة. إننا بحاجة لإعادة التفكير في عاداتنا اليومية، والبحث عن بدائل صحية تمنحنا النشاط دون أن تُنهك أجسادنا بصمت.
فهل آن الأوان لإطفاء السيجارة، والاحتفاظ بالقهوة وحدها؟