٢٠٢٠/٥/٥م رحلت أمي الحبيبة ريا سحوم عويدات أم بسام بعد حياة المعاناة التي عاشتها وكانت على قدر التحديات. أمي امرأة بدوية وتفتخر ، وهي أمية لكنها مثقفة تتحدث في التربية والاجتماع والتاريخ والسياسة . فليست من نساء الموضة ولا الرقص ولا تحب الميوعة ولا الدلع . كانت تبش في وجه الضيف وتقدم الواجب وشعارها لاقيني ولا تغديني . كانت تحض على مواقف الرجولة والشهامة وتحتقر الرجل النذل ذا المواقف المخزية . جمعت من والدها القادم من عقربا/ دمشق سوريا ، الكرم والنجدة ، وأخذت عن أمها القادمة من دوايمة/ الخليل / فلسطين ، الصبر والتحمل . كانت تجلس وهي صغيرة في مضافة أبيها فترى التعامل الرجولي وترى كرامة الضيف وتراه وهي يمتطي فرسه حيث كانت تحضرها له وتراه يسابق الريح . عانت في حياتها فقبلت التحدي حيث تزوجت بابن عمتها اليتيم فوقفت بجانبه وكانت تحمل الماء على رأسها كي يتم خلط الطين لبناء بيتنا . كان بكرها خمس بنات مات منهن ثلاث صغيرات وأبقى الله اثنتين ثم جئت أنا كاتب هذه السطور ثم لحق بي صبيان وبنات فكان مجموعنا ١٣ قضى منهم أربع بنات وذكر ، وبقينا خمس بنات وثلاثة ذكور . كان حمل هذا العدد من الأطفال ثم الولادة المنزلية و الرضاع تاما" سنتين ومن ثم الرعاية والذهاب إلى الأطباء والمستشفيات فكم تعبت و سهرت وذرفت من الدموع ؟ .
ولما كبرت هاجمتها الأمراض ومن ذلك الدسك ، واذكر يوم ذهبت بها إلى سلمان باك في العراق أنها قالت لسائق السيارة خذني لصدام !وكان ذلك عام ١٩٨٠ فارتجف الرجل وقال : يا حجية ما اقدر ، فقالت له بصوت عال : انا لا اريد التسول بل اريد ان اتحدث معه .
وفي يوم قمت بتفتيت حصوة في الكلية وكنت يومها نائبا" معارضا" وأثناء وجودها عندي في المستشفى جاء الطبيب وقال مازحا" : حصوة معارضة صلبة ، فقالت أمي : لكنها حصوة وطنية تفتت داخل الوطن !! فهرب الطبيب وقال مع السلامة .
رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وجعلني حسنة من حسناتك . اللهم اغفر لها و ارحمها وسامحها وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس . اللهم باعد بينها وبين خطاياها كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم إن كانت محسنة فزد في إحسانها ، وإن كانت مسيئة فتجاوز عن سيئاتها ، اللهم انك ارحم من الأم بطفلها فارحم غربتها وآنس وحشتها واجعل مرضها كفارة لها واجعل محمدا" صلى الله عليه وسلم شفيعا" لها واجمعنا بها في جنات النعيم . اللهم تقبل حجها وصلاتها وصدقاتها واجعل درجتها في عليين هي ووالدي وموتى المسلمين اللهم آمين .