أحمد الهندي، شاب أردني، يقضي عدة ساعات في المساء في تداول العملات المشفرة.
يعمل هندي في المحاسبة ويتداول في العملات المشفرة منذ عام 2017. ويطمح إلى تحقيق ربح في بلد يبلغ فيه معدل البطالة بين الشباب 50 بالمائة، والمعدل العام 24.8 بالمائة سنويًا، وفقًا للبنك الدولي والمركزي الأردني ودائرة الإحصاءات العامة.
يتداول حوالي 129 ألف أردني، معظمهم من الذكور، في العملات المشفرة، وفقًا لتقرير كانون الثاني (يناير) الصادر عن شركة TripleA للدفع بالعملات المشفرة.
قال هندي، "أنا أستثمر حاليًا حوالي 12000 دولار. أحيانًا أجني 2000 دولار على مدى شهور، وفي أحيان أخرى، لا أصنع أي شيء. هناك حاجة إلى مهارات معينة مثل إتقان اللغة الإنجليزية ومتابعة الأخبار وتداول حوالي 500 عملة مختلفة”.
لكن محافظ البنك المركزي الأردني عادل الشركس، أكد خلال اجتماع لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية في 30 كانون الثاني (يناير) أن السلطات الأردنية تواصل حظر العملات الرقمية.
وأوضح أنه "تم فرض الحظر لعدة أسباب؛ أبرزها حماية المتعاملين بسبب قلة خبرتهم في هذا المجال، وانخفاض قيمة العملة نتيجة تقلبات أسعار الصرف، والخسائر المحتملة الناجمة عن الاحتيال والقرصنة والسرقة.
وأضاف شركس: "عدم وجود إطار قانوني يضمن حق التظلم أمام القضاء، بالإضافة إلى الخوف من عمليات غسيل الأموال وتمويل التنظيمات الإرهابية”.
من جانبه، قال الرئيس السابق لجمعية البنوك في الأردن مفلح عقل لـ "المونيتور” إن "الاستثمار في العملات الرقمية غير مجدٍ، إنها لعبة قمار ويأس من قلة فرص الاستثمار المربحة. يجب علينا توعية الشباب بأن بعض الشركات ترتكب الاحتيال من خلال الاستثمار في هذه العملات”.
لكن منع السلطات الأردنية المتاجرة بهذه العملات لم يمنع الناس من إيجاد طرق لشرائها، إذ يلجأ الأردنيون الذين يتداولون في العملات المشفرة إلى الوسطاء في الخارج أو الطرق التقليدية مثل الدفع نقدًا لمالك العملة، والتي يقوم بتحويلها إلكترونيًا إلى حساباتهم.
أما خبير تكنولوجيا البلوك تشين، معاذ خليفة، أوضح لموقع المونيتور قائلاً: "في القانون الأردني، لا يوجد ما يجرم التعامل في العملات المشفرة، لكن توجيهات البنك المركزي للبنوك تمنعهم من التعامل بهذه العملات”.
فيما قال محمد السروجي، المحلل المالي الذي يركز على تداول العملات الأجنبية، للمونيتور، إن العملة الرقمية المشفرة سوق صاعد بقوة.
وتابع: "أعتقد أن المشرعين في الأردن يتابعون بحذر وترقب رغم الحظر الظاهر”.
ووصف السروجي العملات المشفرة بأنها "فرصة ذهبية لسن القوانين وجذب استثمارات بالمليارات إلى البلاد. … تتمتع الدولة ببنية تحتية تكنولوجية ممتازة يجب الاستثمار فيها”.
وكشفت ورقة بحثية أعدتها منظمة مراقبة العمل الأردنية (إحدى منظمات المجتمع المدني) في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 أن 140 ألف عامل فقدوا وظائفهم بسبب كورونا في عام 2020، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بين الشباب في الأردن.
يشرح الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش لـ”المونيتور”، أن الأردنيين يبحثون عن "فرص عمل ودخل إضافي، أو الحصول على ثروة سريعة بأقل جهد”، وهذا يعكس القدرات التقنية للشباب الذين وجدوا بدائل لعدم وجود فرص عمل في القطاعين الخاص والعام”.
وأضاف عايش: "هناك بنية تحتية رقمية كبيرة، وبعضها لديه فرص للحصول على آلاف الدنانير من الأنشطة التي تستخدم البنية التحتية الرقمية، مثل الألعاب على موقع يوتيوب. أولئك الذين يعتبرون أنفسهم عاطلين عن العمل يحققون في الواقع دخلًا كبيرًا من خلال التداول بهذه العملات”.
على الرغم من المخاطر في سوق تداول العملات المشفرة، فإن هذا السوق الذي تُستثمر فيه ملايين الدولارات ما يزال غير منظم، ولا يوجد قانون لحماية المتداولين بسبب طبيعة هذه العملات المجهولة.