؛ ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً حول منح امتيازات خاصة للمتقاعدين العسكريين في يوم الوفاء لهم جانبت وفارقت تطلعاتهم كما تفارق الروح الجسد وولت مُدبِرة تنصلاً من مطالبهم وحقوقهم على دولتهم المشروعة أملا في رفاه ورغد العيش كحقّ الولد على أمه وحاضنته في الحب والرعاية والإحساس.
ومن ضمن ما اقترح تكريما معنويا لهم المسارات الخدمية الخاصة بالمتقاعدين العسكريين في بعض المؤسسات والدوائر الخدمية ومنها في المطارات كجوائز الترضية أو الاسترضاء بمناسبة يوم الوفاء السنوي لهم الذي يطل علينا في الخامس عشر من شباط من كل عام وهو مثقل بالمطالب المتراكمة والهموم والآمال والآلام والتطلعات. وبهذا الصدد أقول إن أجر مُتخذ هذا القرار واحد كمن اجتهد فأخطأ، وكلنا نرنو لأن يكون أُمناء وولاة أمرنا كمن اجتهد فأصاب فيحظى بالأجرين.
حيث إننا نحن العسكريين مقدرون ومحترمون على الغالب دون توصية وذلك بطبع الشعب الأردني الطيب الكريم، فقد كنت على سبيل المثال شخصيا وأثناء سفري المتكرر عندما اجد هناك دور وازدحام على مسارب القادمين أو المغادرين أتحوّل إلى مسرب رجال الأعمال والدبلوماسيين المتاح عادة لطاقم الطائرة أو رجال أعمال ودبلوماسيين ندرة فأعرفهم بنفسي كضابط متقاعد فيرحب بي ويختم لي الجوازات بكل احترام وتقدير فنحن لا نريد أن يزاود ويتمنن علينا أحد ، وحيث إن مثل هذه الميزات والامتيازات مفتوحة لمعظم المواطنين العاديين في المطارات المحلية والعالمية خاصة ممن يحملون بطاقات الائتمان بأنواعها حيث يستفيدون بأكثر من ذلك من الخدمات كاستخدام مرافق ومطاعم واستراحات وخدمات كبار الزوار ومقاعد مميزة داخل الطائرة وغيرها فهذا ليس بالإنجاز المتميز الذي يهدى به للمتقاعدين، وعلى العموم نحن كأردنيين بوصلتنا الكرامة ورغد العيش، والعدالة تحدونا.
إن إخفاق الحكومات المتتالية والمتعاقبة التي أغفلت وأهملت إحداث التوازن الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين عبر عشرات السنين، والآن بات من الصعب أن يُصلح العطار ما أفسد الدهر وحيث هناك دوماً حلول إبداعية وخلّاقة إذا أرادها وتطلع إليها صاحب القرار للمتقاعدين بشقّيهم المدنيين والعسكريين وباقي موظفي الدولة شأنهم كموظفي القطاع الخاص فحقهم سنوياً أن يعاد النظر برواتبهم وربطها بمستوى المعيشة والكفاءة والإنجاز والارتفاع المجنون للأسعار العالمية وما يرافقها من تغّول أدوات الاقتصاد المحلية والعالمية ومؤثراتها ومنها التضخم وتناقص القيمة الشرائية للنقد، وبالتالي التآكل الاقتصادي للرواتب. وحيث إن أكثر من 75% من رواتب جميع موظفي الدول عاملين ومتقاعدين ترواح رواتبهم خطوط الفقر، أما متخذ القرار بحقهم فيملك عنده ما يفيض ويوزع لعشرات أو مئات الأسر من رواتبه ومكافآته وعطاياه وموارده الأخرى، فكيف له أن يشعر ويحس بهم وباحتياجات أسرهم وذويهم ، وبعيداً عن غول فساد أفتك ويفتك بمقدرات وموارد الدولة دون حساب ولا عقاب.
أما حقنا كمتقاعدين عسكريين بالتقدير والرعاية والاهتمام فأعتقد هو حق رد الجميل من الوطن لأبنائه، وهو بالحدود الدنيا لما تقدمه الكثير من الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة لضباطها وجنودها من الرعاية والاهتمام ماديا ومعنويا، ولهم الصدارة في الاحتفالات والنشاطات وهم ما يزالون يحملون أوسمتهم على بزّاتهم المدنية في كافة المحافل والمناسبات فأين نحن منهم؟!
قال الله تعالى : "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ". (165)من سورة الأنعام.