فلقد حرصت الدولة الاردنية للعمل في ثلاثة اتجاهات يقوم اولها على بناء المؤسسات فيما تعمل بالثانية على إنشاء البنية التحية وتنميتها كما قامت في الاتجاه الثالث على بناء قدرات الموارد البشرية ونماء البنية الفوقية، وهي الثلاثة اسس الرئيسية التي جعلت من الاردن يكون على ما هو عليه الان من مكانة وريادة، حيث غدا المجتمع الاردني بفضل استراتيجية المسارات المتبعة التي استندت لسياسية تراكم الانجاز المتبعة من الانتقال المجتمع من طورة البدائي الى منزلة المجتمعات القادرة على المنافسة للوصول لفحوى ومضمون المجتمعات المتقدمة على الرغم من قلة الامكانات وضعف الموارد، وهذا ما يمكن تبيانه عبر تسليط على محتواه في الاتجاهات الثلاث.
الاتجاه الاول مرحلة بناء المؤسسات ؛ فلقد سعت الدولة الاردنية في مراحلها الثلاث عند التكوين وعند التاسيس وعند الاستقلال، على الانتقال بين هذه المنازل الثلاثة حاملة بكل واحدة من هذه المنازل اضافة تضيفها لمسيرة البناء، وهي ثلاث مراحل انطلقت في الاولى من اجل التحرر وعودة الامة لمكانتها وحملت منطلقات ثورية ونهضوية حيث ارتكزت على وحدة الصف وبناء نواة الجيش العربي ومركزية قيادة استندت لفكر سياسي حداثي الطابع ثابت المضمون.
حيث جعل من المشرق العربي دائرة اهتمامه ووطنة فعمد على بناء صورة مرتكزة بين ملتقي البحرين الى ملتقى النهرين وحرص خلالها على بناء القدرات العربية والاشتباك الايجابي الممنهج مع الانفتاح على المستجدات وعلى القوى العالمية المؤثرة من اجل التحرر والاستقلال، ولقد عمل في حينها وفق منظومة عمل ذاتية قامت بتكوين المؤسسات الامنية والعسكرية وبناء قدرات المؤسسات المدنية من خلال البلديات وفيما قامت بالاخرى بالعمل ضمن سياسة موضوعية منفتحة على المستجدات المحيطة وظروفها
والتي كانت قد تغيرت نتيجة تغيير بيت القرار الدولي ما بعد الحرب العالمية الاولى.
فكانت مرحلة التكوين مرحلة بناء النظام السياسي لقوامه واطاره وتجذير رؤيته ورسالته وتمكين محتواها الفكري ونهجها السياسي فاختلف معها من اختلف وتقاطع معها من تباين مع سياساتها، فاختلفت بعض القوى معها لكن لم تختلف على اهمية وجودها، حيت تشكلت قيادتها في حينها مع من ناصرها من القوميين العرب على اختلاف اديانهم او مذاهبهم فحمل فكر الدولة كل نماذج اليسار واليمن بالمفهوم والوسط المعتدل والمحافظ فكانت ان حملت مرحلة التكوين ماسسة الفكر السياسي وتاطيره وبناء الجيش ومؤسساته.
اما مرحلة التاسيس فلقد بدات مع تحديد الدولة للجغرافيا السياسية الاردنية واستمرت خمسة وعشرين عاما عملت من خلالها الدولة على وضع دستور التاسيس، وبناء المؤسسات في كل المجالات والنواحي الحياتية كما عملت من خلالها على توحيد المرجعيات الاجتماعية في اطار بناء الدولة وعملت بكل القنوات السياسية والدبلوماسية من اجل بناء دولة المؤسسات وتحقيق السيادة والاستقلال حتى تم تحقيقه بعد الحرب العالمية الثانية عندما نال الاردن استقلاله وعاد ليسعى من جديد من اجل وحدة الامة ووحدة صفها وفي الذود عنها وعن قضاياها فكان احد مؤسسي جامعة الدول العربية والمشارك الاول في كل حروبها التي خاضتها الامة دفاعا عن رسالتها وقضاياها فكان شكل الاردن حالة وما زال باسم العروبة والعرب.